23

Permulaan Mujtahid dan Akhir Muqtasid

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Penyiasat

فريد عبد العزيز الجندي

Penerbit

دار الحديث

Tahun Penerbitan

1425 AH

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Fiqh Maliki
Fikah
عَنِ اغْتِسَالِ الْجُنُبِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ الثَّابِتُ: «أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَبَالَ فِيهَا، فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: دَعُوهُ، فَلَمَّا فَرَغَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِذَنُوبِ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَى بَوْلِهِ» فَظَاهِرُهُ أَنَّ قَلِيلَ النَّجَاسَةِ لَا يُفْسِدُ قَلِيلَ الْمَاءِ، إِذْ مَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ قَدْ طُهِّرَ مِنْ الذَّنُوبِ. وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ كَذَلِكَ أَيْضًا خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُقَالُ لَهُ " إِنَّهُ يُستَقَى مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا لُحُومُ الْكِلَابِ وَالْمَحَائِضُ وَعَفَرَةُ النَّاسِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﵊: " إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» . فَرَامَ الْعُلَمَاءُ الْجَمْعَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَاخْتَلَفُوا فِي طَرِيقِ الْجَمْعِ فَاخْتَلَفَتْ لِذَلِكَ مَذَاهِبُهُمْ ; فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِ حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: إِنَّ حَدِيثَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرُ مَعْقُولَيِ الْمَعْنَى، وَامْتِثَالُ مَا تَضَمَّنَاهُ عِبَادَةٌ، لَا لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَاءَ يَنْجُسُ. حَتَّى إِنَّ الظَّاهِرِيَّةَ أَفْرَطَتْ فِي ذَلِكَ فَقَالَتْ: لَوْ صَبَّ الْبَوْلَ إِنْسَانٌ فِي ذَلِكَ الْمَاءِ مِنْ قَدَحٍ لَمَا كُرِهَ الْغُسْلُ بِهِ وَالْوُضُوءُ، فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ، وَمَنْ كَرِهَ الْمَاءَ الْقَلِيلَ تَحُلُّهُ النَّجَاسَةُ الْيَسِيرَةُ جَمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، فَإِنَّهُ حَمَلَ حَدِيثَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ على الْكَرَاهِيَةِ، وَحَمَلَ حَدِيثَ الْأَعْرَابِيِّ وَحَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى ظَاهِرِهِمَا (أَعْنِي عَلَى الْإِجْزَاءِ) . وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، فَجَمَعَا بَيْنَ حَدِيثَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِأَنْ حَمَلَا حَدِيثَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَاءِ الْقَلِيلِ، وَحَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى الْمَاءِ الْكَثِيرِ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الْحَدَّ فِي ذَلِكَ الَّذِي يَجْمَعُ الْأَحَادِيثَ هُوَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ، خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْمَاءِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ السِّبَاعِ وَالدَّوَابِّ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا» وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْحَدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ اعْتَبَرَ سَرَيَانَ النَّجَاسَةِ فِي جَمِيعِ الْمَاءِ بِسَرَيَانِ الْحَرَكَةِ، فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ بِحَيْثُ يُظَنُّ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا يُمْكِنُ فِيهَا أَنْ تَسْرِيَ فِي جَمِيعِهِ فَالْمَاءُ طَاهِرٌ.

1 / 31