17

Permulaan Mujtahid dan Akhir Muqtasid

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Penyiasat

فريد عبد العزيز الجندي

Penerbit

دار الحديث

Tahun Penerbitan

1425 AH

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Fiqh Maliki
Fikah
الْمَسْأَلَةُ الأُولَى فَأَمَّا الْجَوَازُ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ: أَنَّهُ جَائِزٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: جَوَازُهُ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: مَنْعُ جَوَازِهِ بِإِطْلَاقٍ، وَهُوَ أَشَدُّهَا. وَالْأَقَاوِيلُ الثَّلَاثَةُ مَرْوِيَّةٌ عَنِ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَعَنْ مَالِكٍ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: مَا يُظَنُّ مِنْ مُعَارَضَةِ آيَةِ الْوُضُوءِ الْوَارِدِ فِيهَا الْأَمْرُ بِغَسْلِ الْأَرْجُلِ لِلْآثَارِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْمَسْحِ مَعَ تَأَخُّرِ آيَةِ الْوُضُوءِ، وَهَذَا الْخِلَافُ كَانَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، فَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ آيَةَ الْوُضُوءِ نَاسِخَةٌ لِتِلْكَ الْآثَارِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِجَوَازِهِ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُمْ «حَدِيثُ جَرِيرٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَوَى أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﵊ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقِيلَ لَهُ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، فَقَالَ: مَا أَسْلَمْتُ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ» . وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْقَائِلُونَ بِجَوَازِهِ: لَيْسَ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْآثَارِ تَعَارُضٌ ; لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ إِنَّمَا هُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى مَنْ لَا خُفَّ لَهُ، وَالرُّخْصَةَ إِنَّمَا هِيَ لِلَابِسِ الْخُفِّ، وَقِيلَ: إِنَّ تَأْوِيلَ قِرَاءَةِ الْأَرْجُلِ بِالْخَفْضِ هُوَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ فَلِأَنَّ أَكْثَرَ الْآثَارِ الصِّحَاحِ الْوَارِدَةِ فِي مَسْحِهِ ﵊ إِنَّمَا كَانَتْ فِي السَّفَرِ، مَعَ أَنَّ السَّفَرَ مُشْعِرٌ بِالرُّخْصَةِ وَالتَّخْفِيفِ، وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ هُوَ مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ، فَإِنَّ نَزْعَهُ مِمَّا يَشُقُّ عَلَى الْمُسَافِرِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَأَمَّا تَحْدِيدُ الْمَحَلِّ: فَاخْتَلَفَ فِيهِ أَيْضًا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ، فَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّ الْوَاجِبَ مِنْ ذَلِكَ مَسْحُ أَعْلَى الْخُفِّ، وَإِنَّ مَسْحَ الْبَاطِنِ (أَعْنِي أَسْفَلَ الْخُفِّ) مُسْتَحَبٌّ، وَمَالِكٌ أَحَدُ مَنْ رَأَى هَذَا وَالشَّافِعِيُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ مَسْحَ ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ نَافِعٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ مَسْحَ الظُّهُورِ فَقَطْ وَلَمْ يَسْتَحِبَّ مَسْحَ الْبُطُونِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُدَ وَسُفْيَانَ وَجَمَاعَةٍ، وَشَذَّ أَشْهَبُ فَقَالَ: إِنَّ الْوَاجِبَ مَسْحُ الْبَاطِنِ، أَوِ الْأَعْلَى أَيُّهُمَا مَسَحَ.

1 / 25