148

Permulaan Mujtahid dan Akhir Muqtasid

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Editor

فريد عبد العزيز الجندي

Penerbit

دار الحديث

Tahun Penerbitan

1425 AH

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Fiqh Maliki
Fikah
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: أَنَّ فِي ذَلِكَ حَدِيثَيْنِ مُتَعَارِضَيِ الظَّاهِرِ: أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا» وَالْحَدِيثُ الثَّانِي: مَا أخرجَهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ ﵊: «إِذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ» فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَهُوَ نَصٌّ فِي تَأْمِينِ الْإِمَامِ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي، فَيُسْتَدَلُّ مِنْهُ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُؤَمِّنُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُؤَمِّنُ لَمَا أُمِرَ الْمَأْمُومُ بِالتَّأْمِينِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ قَبْلَ أَنْ يُؤَمِّنَ الْإِمَامُ، ; لِأَنَّ الْإِمَامَ كَمَا قَالَ ﵊ «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» إِلَّا أَنْ يُخَصَّ هَذَا مِنْ أَقْوَالِ الْإِمَامِ: (أَعْنِي أَنْ يَكُونَ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُؤَمِّنَ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ) فَلَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حُكْمِ الْإِمَامِ فِي التَّأْمِينِ، وَيَكُونُ إِنَّمَا تَضَمَّنَ حُكْمَ الْمَأْمُومِ فَقَطْ، ولَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَالِكًا ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ، يكون السَّامِعِ هُوَ الْمُؤَمِّنَ لَا الدَّاعِيَ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ لِتَرْجِيحِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ نَصًّا، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ حُكْمِ الْإِمَامِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي مَوْضِعِ تَأْمِينِ الْمَأْمُومِ فَقَطْ لَا فِي هَلْ يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ أَوْ لَا يُؤَمِّنُ فَتَأَمَّلْ هَذَا. وَيُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يُتَأَوَّلَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ بِأَنْ يُقَالَ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: «فَإِذَا أَمَّنَ فَأَمِّنُوا» أَيْ فإِذَا بَلَغَ مَوْضِعَ التَّأْمِينِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ التَّأْمِينَ هُوَ الدُّعَاءُ وَهَذَا عُدُولٌ عَنِ الظَّاهِرِ لِشَيْءٍ غَيْرِ مَفْهُومٍ مِنَ الْحَدِيثِ إِلَّا بِقِيَاسٍ، أَعْنِي: أَنْ يُفْهَمَ مِنْ قَوْلِهِ: «فَإِذَا قَالَ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَأَمِّنُوا» فَإِنَّهُ لَا يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ.
; وَأَمَّا مَتَى يُكَبِّرُ الْإِمَامُ فَإِنَّ قَوْمًا قَالُوا: لَا يُكَبِّرُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْإِقَامَةِ وَاسْتِوَاءِ الصُّفُوفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَقَوْمٌ قَالُوا: إِنَّ مَوْضِعَ التَّكْبِيرِ هُوَ قَبْلَ أَنْ يتِمَّ الْإِقَامَة، وَاسْتَحْسَنُوا تَكْبِيرَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَزُفَرَ
وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ تَعَارُضُ ظَاهِرِ حَدِيثِ أَنَسٍ وبِلَالٍ.
أَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَقَالَ: «أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْكَلَامَ مِنْهُ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْإِقَامَةِ، مِثْلَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَمَّتِ الْإِقَامَةُ، وَاسْتَوَتِ الصُّفُوفُ حِينَئِذٍ يُكَبِّرُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ بِلَالٍ فَإِنَّهُ رُوِيَ «أَنَّهُ كَانَ يُقِيمُ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَكَانَ يَقُولُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا

1 / 156