112

Permulaan Mujtahid dan Akhir Muqtasid

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Penyiasat

فريد عبد العزيز الجندي

Penerbit

دار الحديث

Tahun Penerbitan

1425 AH

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Fiqh Maliki
Fikah
وَأَمَّا الْأَثَرُ، فَحَدِيثُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ فِي سَفَرٍ، فَخَفِيَتْ عَلَيْنَا الْقِبْلَةُ، فَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا إِلَى وَجْهٍ وَعَلَّمْنَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا، فَإِذَا نَحْنُ قَدْ صَلَّيْنَا إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: مَضَتْ صَلَاتُكُمْ، وَنَزَلَتْ: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥]» وَعَلَى هَذَا فَتَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ مُحْكَمَةً، وَتَكُونُ فِيمَنْ صَلَّى فَانْكَشَفَ لَهُ أَنَّهُ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٤٩] فَمَنْ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ هَذَا الْأَثَرُ قَاسَ مِيقَاتَ الْجِهَةِ عَلَى مِيقَاتِ الزَّمَانِ، وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْأَثَرِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ.
وَفِي هَذَا الْبَابِ مَسْأَلَةٌ مَشْهُورَةٌ، وَهِيَ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي دَاخِلِ الْكَعْبَةِ.
وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ النَّفْلِ فِي ذَلِكَ وَالْفَرْضِ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ تَعَارُضُ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ، وَالِاحْتِمَالُ الْمُتَطَرِّقُ لِمَنِ اسْتَقْبَلَ أَحَدَ حِيطَانِهَا مِنْ دَاخِلٍ هَلْ يُسَمَّى مُسْتَقْبِلًا لِلْبَيْتِ كَمَا يُسَمَّى مَنِ اسْتَقْبَلَهُ مِنْ خَارِجٍ أَمْ لَا؟ .
أَمَّا الْأَثَرُ، فَإِنَّهُ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثَانِ مُتَعَارِضَانِ كِلَاهُمَا ثَابِتٌ:
أَحَدُهُمَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرَجَ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ: هَذِهِ الْقِبْلَةُ» .
وَالثَّانِي حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَخَلَ الْكَعْبَةَ هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ وَبِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ، فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ وَمَكَثَ فِيهَا، فَسَأَلْتُ: بِلَالًا حِينَ خَرَجَ مَاذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ، وَثَلَاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى» .
فَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ أَوِ النَّسْخِ قَالَ: إِمَّا بِمَنْعِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا إِنْ رَجَّحَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِمَّا بِإِجَازَتِهَا مُطْلَقًا إِنْ رَجَّحَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ، وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا حَمَلَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الْفَرْضِ وَحَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ عَلَى النَّفْلِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِيهِ عَسِرٌ، فَإِنَّ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَلَّاهُمَا ﵊ خَارِجَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ «هَذِهِ الْقِبْلَةُ» هِيَ نَفْلٌ.

1 / 120