Permulaan Mujtahid dan Akhir Muqtasid
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
Penyiasat
فريد عبد العزيز الجندي
Penerbit
دار الحديث
Tahun Penerbitan
1425 AH
Lokasi Penerbit
القاهرة
وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتَيْنِ: فِي وَقْتِ الزَّوَالِ، وَفِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ ; فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ الْأَوْقَاتَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا هِيَ أَرْبَعَةٌ: الطُّلُوعُ، وَالْغُرُوبُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ، وَأَجَازَ الصَّلَاةَ عِنْدَ الزَّوَالِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَوْقَاتَ خَمْسَةٌ كُلُّهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا إِلَّا وَقْتَ الزَّوَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ أَجَازَ فِيهِ الصَّلَاةَ، وَاسْتَثْنَى قَوْمٌ مِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ أَحَدُ شَيْئَيْنِ: إِمَّا مُعَارَضَةُ أَثَرٍ لِأَثَرٍ، وَإِمَّا مُعَارَضَةُ الْأَثَرِ لِلْعَمَلِ عِنْدَ مَنْ رَاعَى الْعَمَلَ: أَعْنِي عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، فَحَيْثُ وَرَدَ النَّهْيُ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُعَارِضٌ لَا مِنْ قَوْلٍ وَلَا مِنْ عَمَلٍ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَحَيْثُ وَرَدَ الْمُعَارِضُ اخْتَلَفُوا.
أَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي وَقْتِ الزَّوَالِ فَلِمُعَارَضَةِ الْعَمَلِ فِيهِ لِلْأَثَرِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهَا وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهَا مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ» خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ، وَحَدِيثُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ فِي مَعْنَاهُ، وَلَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ، خَرَّجَهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ.
فَمِنَ النَّاسِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى مَنْعِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ كُلِّهَا، وَمِنَ النَّاسِ مَنِ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ وَقْتَ الزَّوَالِ، إِمَّا بِإِطْلَاقٍ وَهُوَ مَالِكٌ، وَإِمَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقَطْ وَهُوَ الشَّافِعِيُّ، أَمَّا مَالِكٌ فَلِأَنَّ الْعَمَلَ عِنْدَهُ بِالْمَدِينَةِ لَمَّا وَجَدَهُ عَلَى الْوَقْتَيْنِ فَقَطْ وَلَمْ يَجِدْهُ عَلَى الْوَقْتِ الثَّالِثِ: أَعْنِي الزَّوَالَ أَبَاحَ الصَّلَاةَ فِيهِ، وَاعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ النَّهْيَ مَنْسُوخٌ بِالْعَمَلِ.
وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَرَ لِلْعَمَلِ تَأْثِيرًا، فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْمَنْعِ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِي الْعَمَلِ وَقُوَّتِهِ فِي كِتَابِنَا فِي الْكَلَامِ الْفِقْهِيِّ، وَهُوَ الَّذِي يُدْعَى بِأُصُولِ الْفِقْهِ.
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَمَّا صَحَّ عِنْدَهُ مَا رَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُصَلُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَخْرُجَ عُمَرُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ خُرُوجَ عُمَرَ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى مَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ الطُّنْفُسَةِ الَّتِي كَانَتْ تُطْرَحُ إِلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ
1 / 109