329

Permulaan dan Akhir

البداية والنهاية

Penerbit

مطبعة السعادة

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Sejarah
وَذَكَرُوا أَخْبَارًا اسْتَشْهَدُوا بِهَا عَلَى بَقَائِهِ إِلَى الآن وسنوردها إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ الثِّقَةُ وَهَذِهِ وَصِيَّتُهُ لِمُوسَى حِينَ (قَالَ هَذَا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا) ١٨: ٧٨ رُوِيَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ مُنْقَطِعَةٌ كَثِيرَةٌ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَلْطِيُّ قَالَ لَمَّا أَرَادَ مُوسَى أَنْ يُفَارِقَ الْخَضِرَ قَالَ لَهُ مُوسَى أَوْصِنِي قَالَ كُنْ نَفَّاعًا وَلَا تَكُنْ ضَرَّارًا. كُنْ بَشَّاشًا وَلَا تَكُنْ غَضْبَانَ. ارْجِعْ عَنِ اللَّجَاجَةِ وَلَا تَمْشِ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى زِيَادَةُ (وَلَا تَضْحَكْ إِلَّا مِنْ عَجَبٍ) . وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ قَالَ الْخَضِرُ يَا مُوسَى إِنَّ النَّاسَ مُعَذَّبُونَ فِي الدُّنْيَا عَلَى قَدْرِ هُمُومِهِمْ بِهَا وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ الْحَافِي قَالَ مُوسَى لِلْخَضِرِ أَوْصِنِي فَقَالَ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْكَ طَاعَتَهُ. وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ زكريا بن يحيى الوقاد إِلَّا أَنَّهُ مِنَ الْكَذَّابِينَ الْكِبَارِ. قَالَ قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ الثَّوْرِيُّ قَالَ مُجَالِدٌ قَالَ أَبُو الْوَدَّاكِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ أَخِي مُوسَى يَا رَبِّ ذكر كلمته فَأَتَاهُ الْخَضِرُ وَهُوَ فَتًى طَيِّبُ الرِّيحِ حَسَنُ بَيَاضِ الثِّيَابِ مُشَمِّرُهَا فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ يَا مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ. قَالَ مُوسَى هُوَ السَّلَامُ وَإِلَيْهِ السَّلَامُ وَالْحَمْدُ للَّه رَبِّ الْعَالَمِينَ الَّذِي لَا أُحْصِي نِعَمَهُ وَلَا أَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ شُكْرِهِ إِلَّا بِمَعُونَتِهِ ثُمَّ قَالَ مُوسَى أُرِيدُ أَنْ تُوصِيَنِي بِوَصِيَّةٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا بَعْدَكَ. فَقَالَ الْخُضَرُ يَا طَالِبَ الْعِلْمِ إِنَّ الْقَائِلَ أقل ملامة (١) مِنَ الْمُسْتَمِعِ فَلَا تُمِلَّ جُلَسَاءَكَ إِذَا حَدَّثَتْهُمْ وَاعْلَمْ أَنَّ قَلْبَكَ وِعَاءٌ فَانْظُرْ مَاذَا تَحْشُو به وعاءك. واغرف من الدُّنْيَا وَأَنْبِذْهَا وَرَاءَكَ. فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَكَ بِدَارٍ وَلَا لَكَ فِيهَا مَحَلُّ قَرَارٍ. وَإِنَّمَا جُعِلَتْ بُلْغَةً لِلْعِبَادِ وَالتَّزَوُّدِ مِنْهَا لِيَوْمِ الْمَعَادِ. وَرُضْ نَفْسَكَ عَلَى الصَّبْرِ تَخْلُصْ مِنَ الْإِثْمِ يَا مُوسَى تَفَرَّغْ لِلْعِلْمِ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُهُ فَإِنَّمَا الْعِلْمُ لِمَنْ تَفَرَّغَ لَهُ وَلَا تَكُنْ مِكْثَارًا للعلم مهذارا فان كثرة المنطق تشين العلماء وتبدي مساوى السُّخَفَاءِ. وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالِاقْتِصَادِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ التوفيق والسداد وأعرض عن الجهال وماطلهم وَاحْلُمْ عَنِ السُّفَهَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ فِعْلُ الْحُكَمَاءِ وَزَيْنُ الْعُلَمَاءِ إِذَا شَتَمَكَ الْجَاهِلُ فَاسْكُتْ عَنْهُ حِلْمًا. وَجَانِبْهُ حَزْمًا. فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنْ جَهْلِهِ عَلَيْكَ وَسَبِّهِ إِيَّاكَ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ يَا ابن عمران ولا ترى أَنَّكَ أُوتِيتَ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا فَإِنَّ الِانْدِلَاثَ وَالتَّعَسُّفَ مِنَ الِاقْتِحَامِ وَالتَّكَلُّفِ يَا ابْنَ عِمْرَانَ لَا تَفْتَحَنَّ بَابًا لَا تَدْرِي مَا غَلْقُهُ وَلَا تُغْلِقَنَّ بَابًا لَا تَدْرِي مَا فتحه يا ابن عمران من لا ينتهى مِنَ الدُّنْيَا نَهْمَتُهُ وَلَا تَنْقَضِي مِنْهَا رَغْبَتُهُ وَمَنْ يُحَقِّرُ حَالَهُ وَيَتَّهِمُ اللَّهَ فِيمَا قَضَى لَهُ كَيْفَ يَكُونُ زَاهِدًا. هَلْ يَكُفُّ عَنِ الشَّهَوَاتِ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ هَوَاهُ. أَوْ يَنْفَعُهُ طَلَبُ الْعِلْمِ وَالْجَهْلُ قَدْ حَوَاهُ لِأَنَّ سَعْيَهُ إِلَى آخِرَتِهِ وَهُوَ مُقْبِلٌ عَلَى دُنْيَاهُ يَا مُوسَى تَعَلَّمْ مَا تَعَلَّمْتَ لِتَعْمَلَ بِهِ وَلَا تَعَلَّمْهُ لِتُحَدِّثَ بِهِ فَيَكُونَ عَلَيْكَ بَوَارُهُ وَلِغَيْرِكَ نُورُهُ يَا مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ اجْعَلِ الزُّهْدَ وَالتَّقْوَى لِبَاسَكَ وَالْعِلْمَ وَالذِّكْرَ كَلَامَكَ وَاسْتَكْثِرْ مِنَ الْحَسَنَاتِ فَإِنَّكَ مُصِيبٌ السَّيِّئَاتِ وَزَعْزِعْ بِالْخَوْفِ قَلْبَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُرْضِي رَبَّكَ وَاعْمَلْ خَيْرًا فَإِنَّكَ لا بد

1 / 329