الْأَحادِيثِ. وَالله غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ. وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) ١٢: ١٩- ٢٢. يخبر تعالى عن قصة يوسف حين وضع في الجب أنه جلس ينتظر فرج الله ولطفه به وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ ١٢: ١٩ أَيْ مُسَافِرُونَ قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ كَانَتْ بِضَاعَتُهُمْ مِنَ الْفُسْتُقِ وَالصَّنَوْبَرِ وَالْبُطْمِ قَاصِدِينَ دِيَارَ مِصْرَ مِنَ الشَّامِ فَأَرْسَلُوا بَعْضَهُمْ لِيَسْتَقُوا مِنْ ذَلِكَ الْبِئْرِ فَلَمَّا أَدْلَى أَحَدُهُمْ دَلْوَهُ تَعَلَّقَ فِيهِ يُوسُفُ فَلَمَّا رَآهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ (قَالَ يَا بُشْرى) ١٢: ١٩ أَيْ يَا بِشَارَتِي (هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً) ١٢: ١٩ أي أوهموا أنه معهم غلام مِنْ جُمْلَةِ مَتْجَرِهِمْ (وَالله عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ) ١٢: ١٩ أَيْ هُوَ عَالِمٌ بِمَا تَمَالَأَ عَلَيْهِ إِخْوَتُهُ وَبِمَا يُسِرُّهُ وَاجِدُوهُ مِنْ أَنَّهُ بِضَاعَةٌ لَهُمْ وَمَعَ هَذَا لَا يُغَيِّرُهُ تَعَالَى لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْقَدَرِ السَّابِقِ والرحمة بأهل مِصْرَ بِمَا يُجْرِي اللَّهُ عَلَى يَدَيْ هَذَا الْغُلَامِ الَّذِي يَدْخُلُهَا فِي صُورَةِ أَسِيرٍ رَقِيقٍ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا يُمَلِّكُهُ أَزِمَّةِ الْأُمُورِ وَيَنْفَعُهُمُ اللَّهُ بِهِ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ بِمَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ. وَلَمَّا اسْتَشْعَرَ إِخْوَةُ يُوسُفَ بِأَخْذِ السَّيَّارَةِ لَهُ لَحِقُوهُمْ وَقَالُوا هَذَا غُلَامُنَا أَبِقَ مِنَّا فَاشْتَرَوْهُ مِنْهُمْ بِثَمَنٍ بَخْسٍ أَيْ قَلِيلٍ نَزْرٍ وَقِيلَ هُوَ الزَّيْفُ (دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ من الزَّاهِدِينَ) ١٢: ٢٠. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَنَوْفٌ الْبِكَالِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَقَتَادَةُ وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ بَاعُوهُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا اقْتَسَمُوهَا دِرْهَمَيْنِ دِرْهَمَيْنِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ درهما. وقال عكرمة ومحمد ابن إِسْحَاقَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فاللَّه أَعْلَمُ (وَقال الَّذِي اشْتَراهُ من مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ) ١٢: ٢١ أَيْ أَحْسِنِي إِلَيْهِ (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) ١٢: ٢١ وَهَذَا مِنْ لُطْفِ اللَّهِ بِهِ وَرَحْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يُؤَهِّلَهُ لَهُ وَيُعْطِيَهُ مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالُوا وَكَانَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ عَزِيزَهَا وَهُوَ الْوَزِيرُ بِهَا الَّذِي الْخَزَائِنُ مُسَلَّمَةٌ إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَاسْمُهُ أَطْفِيرُ [١] بْنُ رُوحِيبَ قَالَ وَكَانَ مَلِكُ مِصْرَ يَوْمَئِذٍ الرَّيَّانَ بْنَ الْوَلِيدِ رَجُلٌ مِنَ الْعَمَالِيقِ قَالَ وَاسْمُ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ رَاعِيلُ بنت رعاييل [٢] . وَقَالَ غَيْرُهُ كَانَ اسْمُهَا زَلِيخَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَقَبُهَا. وَقِيلَ فَكَا بِنْتُ يَنُوسَ رَوَاهُ الثَّعْلَبِيُّ عَنْ أَبِي هِشَامٍ [٣] الرِّفَاعِيِّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ اسْمُ الَّذِي بَاعَهُ بِمِصْرَ يَعْنِي الَّذِي جَلَبَهُ إِلَيْهَا مَالِكَ ابن ذعر بن نويب بْنِ عَفْقَا [٤] بْنِ مِدْيَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فاللَّه أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَفْرَسُ النَّاسِ ثَلَاثَةٌ عَزِيزُ مِصْرَ حِينَ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي قَالَتْ لِأَبِيهَا عَنْ مُوسَى (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ من اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) ٢٨: ٢٦ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ حِينَ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵄.
ثُمَّ قِيلَ اشْتَرَاهُ الْعَزِيزُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا. وَقِيلَ بِوَزْنِهِ مِسْكًا وَوَزْنِهِ حَرِيرًا وَوَزْنِهِ وَرِقًا. فاللَّه أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ في الْأَرْضِ) ١٢: ٢١ أَيْ وَكَمَا قَيَّضْنَا هَذَا الْعَزِيزَ وَامْرَأَتَهُ يُحْسِنَانِ اليه ويعتنيان
[١] في نسخة قطفير [٢] في نسخة رعابيل [٣] في نسخة ابن هشام [٤] في نسخة بن عنقاء
1 / 202