Bertrand Russell: Pengenalan Ringkas Sangat
برتراند راسل: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
في هذه المرحلة أصبح من المألوف أن الخيط المشترك الذي يربط بين وجهات نظر راسل الأولى واللاحقة هو رغبته في التوفيق بين العلم والإدراك؛ بهدف تأسيس العلم على اليقين النسبي الذي يتسم به الإدراك؛ ومن ثم إمداده بالمبررات. وقد رأى راسل أن المشكلة الأساسية في أي مسعى من هذا النوع هي تأمين الانتقال من الإدراك إلى الأشياء الموجودة في النظرية المادية. وحسب وجهة نظره، يجب أن يكون هذا الانتقال إما قائما على الاستنتاج - وفيه يأخذنا من البيانات الحسية الراسخة إلى شيء آخر - وإما أن يكون انتقالا تحليليا، بمعنى أنه عبارة عن عملية تكوين للكيانات المادية من المدركات. وحسب وجهة النظر اللاحقة التي سبقت الإشارة إليها، يتمتع الاستنتاج بمزية خاصة تتفوق على النظريات المألوفة القائمة على الاستنتاج، وهو أنه خلال عملية الاستنتاج لا يتم الانتقال من نوع من الأشياء إلى نوع آخر، بل من جزء داخل الشيء إلى أجزاء أخرى.
في آراء راسل الأولى، وفق بين الواقع الأولي والبيانات الحسية وكون كل الأشياء الأخرى من هذه العناصر. وحسب وجهة النظر اللاحقة، ينتمي الواقع إلى الأحداث باعتبارها الكيانات النهائية، ويظهر تغير مهم في محور التركيز هنا؛ وهو أن المدركات الحسية تظل مباشرة ويقينية مثل أي شيء، ولكنها لا تفسر على أنها يجب أن تمثل العالم المادي بدقة، وهو العالم - في الصورة التي يقدمها العلم باعتبارها أقوى طريقة لفهمه - الذي يختلف على أي حال اختلافا شديدا عن النحو الذي يظهر عليه.
الاستنتاج والعلم
ومع ذلك، وعلى نحو ذي مغزى، تظل لدينا مشكلة مألوفة وكبيرة فيما يتعلق بما إذا كانت الاستنتاجات التي تنتقل من الإدراك إلى العالم آمنة. كان قسم كبير من هدف راسل في كتاب «المعرفة البشرية» هو عرض المبررات التي تكون على أساسها هذه الاستنتاجات آمنة. وطوال تفكيره في العلاقة بين الإدراك والعلم، كان مقتنعا بأن المعرفة العلمية تتطلب معرفة شيء ما معرفة بديهية مسبقة. وكان يعتقد في البداية، كما ذكر فيما سبق، أن المبادئ المنطقية البحتة توفر مثل تلك المعرفة. ولكنه لاحظ في هذه المرحلة أن المنطق وحده غير كاف؛ إذ يجب أن نعرف شيئا أكثر مادية. وكان الحل الذي قدمه هو أن نقول إن الاستنتاج انتقالا من الإدراك إلى الأحداث مبرر في ضوء «مسلمات» بديهية مسبقة معينة تعرض وقائع مشروطة الحدوث بخصوص العالم. وتذكرنا وجهة نظر راسل فورا بأطروحة كانط القائلة بأن امتلاك «معرفة مسبقة بديهية تركيبية» هو شرط لإمكانية المعرفة عموما، وهي وجهة نظر يرفضها راسل بقوة في مقدمة كتابه «المعرفة البشرية». ويأتي شرح الاختلاف في العرض المقتضب القائم على الاحتمالات الذي رأى راسل - في آخر محاولاته الكبرى لوضع نظرية من نظريات المعرفة - أنه كل ما يمكن أن يأمل في تحقيقه.
يفسر ملمحان للنهج الذي اتبعه راسل في كتاب «المعرفة البشرية» هذه النتيجة: أحدهما هو أنه أصبح يعتقد في هذه المرحلة أنه ينبغي فهم المعرفة في سياق «طبيعي»، بمعنى اعتبارها من مقومات ظروفنا البيولوجية، وأن يجمع بينها وبين طريقة بناء العالم . والآخر هو أنه اضطر إلى استغلال فكرة أن البيانات الأساسية للمعرفة غير مؤكدة على الإطلاق، بل فقط موثوقة إلى درجة ما على أقصى تقدير. وتدخل هذه النقطة الثانية في التطوير التفصيلي لوجهات النظر الواردة في كتاب «المعرفة البشرية». وتظهر النقطة الثانية كلما احتاج راسل إلى تبرير المبررات التي يحاول كتاب «المعرفة البشرية» أن يؤسس عليها المعرفة العلمية.
حين تكون للبيانات مصداقية معينة بمعزل عن علاقاتها بالبيانات الأخرى، يصفها راسل بأنها تتسم بدرجة من المصداقية «الجوهرية». وتقدم القضايا التي تتسم بشيء من المصداقية الجوهرية الدعم للقضايا التي تستنتج منها؛ وعندئذ يصبح السؤال الأساسي هو: كيف تنقل القضايا التي تتسم بدرجة ما من المصداقية تلك المصداقية إلى الفرضيات العلمية؟ ومن الممكن صياغة السؤال بطريقة أخرى؛ وذلك بأن نسأل: إلى أي مدى من الممكن أن تقوم إفادات الملاحظة والتجربة مقام الدليل؟ وهذه هي المرحلة التي تدخل فيها المسلمات التي تحدث عنها راسل.
توجد خمس مسلمات؛ المسلمة الأولى - وهي «مسلمة شبه الدوام» - تهدف إلى أن تحل محل الفكرة العادية القائلة بوجود شيء دائم: «إذا فرضنا أن أي حدث هو أ، يحدث كثيرا جدا - في أي وقت قريب - أن يوجد حدث مشابه جدا ل «أ» في مكان قريب.» وبهذا تحلل الأشياء التي تتسم بالمنطق السليم إلى سياقات من الأحداث المشابهة. ويعود أصل هذه الفكرة إلى التحليل الذي أجراه هيوم ل «هوية» الأشياء من حيث ميلنا لاعتبار أي تتابع من الأفكار المدركة المتشابهة أنه دليل على كونها شيئا مفردا، ومثال ذلك حينما تنتابك أفكار مدركة عن شجيرة ورد كلما دخلت إلى الحديقة؛ ومن ثم تحسب أنه توجد شجيرة ورد واحدة دائمة، حتى في حالة عدم حضور أشخاص مدركين.
المسلمة الثانية - وهي «مسلمة الخطوط السببية القابلة للتفرقة» - تقول إنه «كثيرا ما يكون من الممكن تكوين سلسلة من الأحداث - من عضو أو عضوين من السلسلة - حتى يتسنى استنتاج شيء ينطبق على كل الأعضاء الآخرين.» على سبيل المثال، يمكننا أن نتابع كرة بلياردو طوال مباراة بلياردو؛ ويرى المنطق السليم الكرة باعتبارها شيئا مفردا يغير مكانه، ويمكن تفسير ذلك وفقا لهذه المسلمة بتناول الكرة وحركاتها باعتبارها سلسلة من الأحداث يمكن عن طريق بعضها استنتاج معلومات عن الأحداث الأخرى.
المسلمة الثالثة هي «مسلمة التتابع المكاني الزماني»، وتهدف إلى نفي وجود «نشاط عن بعد»؛ إذ تقضي المسلمة أنه إذا كانت هناك علاقة سببية بين حدثين ليسا متجاورين، فلا بد من وجود سلسلة من الحلقات الوسيطة بينهما. ويعتمد الكثير من استنتاجاتنا التي تأخذنا إلى أحداث خفية عن الملاحظة على هذه المسلمة.
المسلمة الرابعة هي «المسلمة البنيوية»، وتقول بأنه «عند وجود عدد من العناصر المركبة المتشابهة البنية المصطفة حول مركز في مناطق غير متباعدة، فعادة تنتمي كلها إلى خطوط سببية تنشأ من حدث له البنية نفسها في المركز.» وتهدف هذه المسلمة لفهم فكرة وجود عالم من الأشياء المادية المشتركة لدى كل المدركين. فإذا استمع ستة ملايين نسمة إلى خطبة رئيس الوزراء المنقولة عبر المذياع، وعند مقارنة ملاحظاتهم اكتشفوا أنهم سمعوا أشياء متشابهة للغاية، يحق لهم أن يؤمنوا بأن سبب هذا أمر منطقي؛ وهو أنهم جميعا سمعوا الشخص نفسه يتكلم عبر موجات الأثير.
Halaman tidak diketahui