Bertrand Russell: Pengenalan Ringkas Sangat
برتراند راسل: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
وتشرح سلسلة محاضرات «فلسفة مذهب الذرية المنطقية» تفاصيل هذا البرنامج التحليلي بمزيد من الاستفاضة. وتشير كلمة «منطقي» في العنوان إلى أننا نصل إلى الذرات باعتبارها «آخر بقية من التحليل» حيث يكون التحليل منطقيا أكثر منه ماديا (فلسفة مذهب الذرية المنطقية، ص178). فهي جزئيات مثل «بقع لونية صغيرة أو أصوات، وأشياء مؤقتة و... هي محمولات أو علاقات.» والهدف هو الانتقال من المعتقدات العادية عن العالم إلى فهم دقيق عن الكيفية التي يقوم بها العلم على الخبرة؛ بمعنى «الانتقال من تلك الأشياء البديهية المبهمة الغامضة التي نشعر بأننا على يقين منها، إلى شيء دقيق وواضح ومحدد نكتشف بالتأمل والتحليل أنه متضمن في الشيء المبهم الذي ننطلق منه، وأنه - إن جاز التعبير - الحقيقة الصحيحة التي يكون ذلك الشيء المبهم أشبه بظل لها» (المرجع السابق). والمنهج عبارة عن تحليل للرموز المعقدة - القضايا - وتحويلها إلى الرموز البسيطة التي تتألف منها؛ والمرحلة النهائية لهذا النوع من التحليل هي «الاطلاع المباشر على الأشياء التي هي معاني الرموز البسيطة» حيث «المعنى» هنا يقصد به «الدلالة» (فلسفة مذهب الذرية المنطقية، ص194). وفي «اللغة المثالية من الناحية المنطقية» - مثل تلك التي كان كتاب «أصول الرياضيات» يهدف إلى تقديمها - تتقابل مكونات قضية ما - أي الرموز البسيطة - في علاقة فردية مع مكونات واقعة ما، فيما عدا الرموز المنطقية «أو» و«و» وما شابه ذلك. وكل عنصر بسيط يشار إليه بواسطة رمزه البسيط المختلف. ويقول راسل إن مثل هذه اللغة توضح «في لمحة سريعة البنية المنطقية للوقائع المؤكدة أو المنفية» (فلسفة مذهب الذرية المنطقية، ص198).
ويقدم راسل على هذا الأساس «استطرادا لمناقشة الميتافيزيقا». فمذهب الذرية المنطقية هو الرأي القائل إن التحليل يوصلنا نظريا - إن لم يكن عمليا - إلى العناصر البسيطة الأولية التي يتألف منها العالم. وتعرف العناصر البسيطة على أنها أي عناصر غير مركبة - بمعنى أنها غير قابلة للتحليل إلى حد أبعد - وكل عنصر منها عبارة عن شيء مستقل ومستمر ذاتيا. وهي فضلا عن ذلك قصيرة الأمد للغاية؛ ولذلك فإن العناصر المعقدة المؤلفة منها عبارة عن «أوهام منطقية»، تؤلف لخدمة أغراضنا المعرفية والعملية.
وللعناصر البسيطة أنواع شتى؛ إذ يوجد الكثير من رتب الجزئيات والصفات والعلاقات، ولكن السمة المشتركة بينها أنها تمتلك واقعا لا تشترك فيه مع أي شيء آخر. والأشياء الأخرى الوحيدة في العالم هي الوقائع، وهي الأشياء التي تؤكدها أو تنفيها القضايا. والوقائع مكوناتها ليست لها الطبيعة نفسها، وتختلف معرفة الوقائع بعض الشيء عن معرفة العناصر البسيطة؛ فمعرفة الوقائع هي معرفة بالوصف، أما معرفة العناصر البسيطة فهي بالاطلاع.
يتضمن منهج التحليل الذي يستخدمه راسل مبدأ نصل أوكام؛ وهو المبدأ القائل بأننا ينبغي أن نعتمد على أكثر النظريات اقتصادا بخصوص كل ما هو موجود. ومن الممكن وصفه بأنه طرح سؤال ملح يقول: «ما هو أقل عدد من الأشياء البسيطة غير المحددة الموجودة في البداية، وأقل عدد من المقدمات غير المبرهن عليها، التي تستطيع من خلالها تعريف الأشياء التي بحاجة إلى تعريف وإثبات الأشياء التي بحاجة إلى إثبات؟» (مذهب الذرية المنطقية، ص271). وعند تطبيق مبدأ نصل أوكام، يكون وصف الشيء المادي العادي - مثل مكتب - على النحو التالي: نحن نفكر في المكتب باعتباره شيئا يستمر وجوده حتى أثناء عدم إدراكه. قد يقول أحد المتشككين إن هذا التصور يستند على مرات إدراك متقطعة للمكتب، وهي في حد ذاتها لا تطلعنا على شيء بخصوص ما إذا كان المكتب يستمر وجوده فيما بين مرات إدراكه. ومع ذلك فإننا نقول إن كل مرات الظهور المختلفة هذه للمكتب هي مرات ظهور للمكتب «نفسه». فما الذي يدفعنا لأن نقول هذا؟ وإجابة راسل هي أننا نعرف سلسلة من مرات الظهور على أنها شيء مفرد مستمر. «وبتلك الطريقة يختصر المكتب ليصبح وهما منطقيا؛ لأن وجود سلسلة من مرات الإدراك هو وهم منطقي. وبتلك الطريقة فإن كل الأشياء العادية في الحياة اليومية تطرد من عالم الموجودات، ويوجد بدلا منها عدد من الجزئيات العابرة من النوع الذي يدركه المرء على الفور بالحس»؛ أي البيانات الحسية (فلسفة مذهب الذرية المنطقية، ص273). إذن فالأشياء التي نسميها أشياء حقيقية «هي أنظمة، سلاسل من فئات الجزئيات، والجزئيات هي الأشياء الحقيقية، وتكون تلك الجزئيات بيانات حسية حين تدركها» (فلسفة مذهب الذرية المنطقية، ص274).
أوحى هذا المنحى الذي اتخذته الأمور لراسل بإجراء تحليل فيزيائي - تفهم الذرات الفيزيائية على أنها أوهام منطقية كذلك - وجعله يميل صوب وجهة نظر ذهنية تسمى «الأحادية المحايدة». ولم يطور أيا من وجهتي النظر باستفاضة في هذه المرحلة؛ ولكن فيما بعد، وعلى أساس بعض التغيرات المهمة التي طرأت على موقفه، وجه إليهما اهتماما واضحا. وظهر ذلك في كتاب «تحليل المادة» (1927) وكتاب «تحليل العقل» (1921) على التوالي. وسأناقشهما لاحقا بمزيد من التفصيل.
بعض المشكلات في مذهب الذرية المنطقية
من الصعب أن نجد مذهب الذرية المنطقية مقنعا؛ فمن ناحية، جاء عرض راسل له سريعا وسطحيا، ومع ذلك فهو يهدف إلى حل الكثير من المشكلات المختلفة في الوقت نفسه. إنها نظرية تجريبية عن المعنى، بما يعني أنها تتألف من نظريات أخرى عن المعرفة والإدراك والعقل، بالإضافة إلى وصف تجريبي - يقع في صميم تلك النظريات - عن كيفية عمل الكلمات، وكيفية تعلمنا إياها وفهمها. رأى راسل أن هذه المهمة الثانية معقدة ؛ لأن - من وجهة نظره - الأشكال السطحية للغة العادية مضللة؛ ومن ثم من شأنها أن تؤدي إلى فلسفة مغلوطة، في حالة تحليلها تحليلا غير صحيح، وعن هذا قال:
أعتقد أن أهمية القواعد النحوية الفلسفية تفوق ما يعتقد عنها عادة. وأعتقد أن معظم الأعمال التقليدية التي تبحث في الميتافيزيقا تعج بالأخطاء بسبب القواعد النحوية السيئة، وأن معظم المشكلات التقليدية في الميتافيزيقا والنتائج التقليدية - النتائج المفترضة - في الميتافيزيقا تعود إلى عجز عن وضع الحدود في ما قد نطلق عليه القواعد النحوية الفلسفية. (فلسفة مذهب الذرية المنطقية، ص269)
إذن يسير التحليل عن طريق الافتراض بوجود بنية لغوية ضمنية، ومن المهم أن تكون مختلفة عن بنيتها السطحية، وهذه البنية الضمنية هي الوحيدة التي تتوافق مع بنية العالم التي تكشفت بالتحليل؛ ولذلك فمن المشكلات الكبرى التي يطرحها هذا الطرح هو ما إذا كان المنطق الذي يقوم عليه كتاب «أصول الرياضيات» هو الطريقة الصحيحة الوحيدة لتمثيل الشكل المنطقي الضمني للغة الطبيعية.
تعمل نظرية راسل على الجمع بين الوصف المنطقي البحت للبنية مع المذهب التجريبي القائم على البيانات الحسية، وذلك عن طريق النظر إلى البيانات الحسية باعتبارها العناصر البسيطة التي تتألف منها بنية العالم. ولكنه يرى أنه من الضروري ألا يكون من بين العناصر البسيطة الأشياء فقط، بل وصفاتها وعلاقاتها - بمعنى الكليات - ويؤدي هذا مباشرة إلى ظهور صعوبة أخرى؛ إذ إنه من غير الواضح أن الكليات تتسم بالبساطة على النحو الذي يفترض أن تكون عليه الكليات؛ فمن سمات البساطة انعدام القابلية للتحليل والاستقلالية. هل الكليات تتسم بهذه السمات، حتى في ضوء أفضل مثال يسوقه راسل المتعلق ببقع لونية من درجة معينة؟ لا، إذ إن البقع اللونية ليست مستقلة بعضها عن بعض، والتعبيرات التي تشير إليها بإمكانها التسبب في حالات تعارض بين القضايا.
Halaman tidak diketahui