قبل أن تقرأ
مدخل
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
شكر واجب
قبل أن تقرأ
مدخل
Halaman tidak diketahui
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
شكر واجب
برلين 69
برلين 69
تأليف
صنع الله إبراهيم
Halaman tidak diketahui
قبل أن تقرأ
واكبت سنوات مراهقتي نهاية العهد الملكي في مصر. كانت البلاد تموج بدعوات التحرر الوطني من الوجود الإنجليزي العسكري، والتحرر الاجتماعي من سيطرة الإقطاع، ومن الأمية والمرض والحفاء! .. وشكلت هذه البيئة وجداني، وخاصة الحديث عن أن المعرفة هي كالماء والهواء يجب أن تكون للجميع وبالمجان.
وفي مغرب يوم من سنة 1951م، كنا أنا وأبي عائدين من زيارة لأحد أقاربنا في شرق القاهرة. توقفنا في ميدان العتبة لنأخذ «الباص» إلى غربها حيث نقطن. اتخذنا أماكننا في مقاعد الدرجة الثانية. نعم! كانت مقاعد «الباص» آنذاك - والترام أيضا - مقسمة إلى درجتين بثمنين متفاوتين للتذاكر التي يوزعها «كمساري» برداء أصفر مميز أثناء مروره على الركاب.
جلسنا أنا وأبي خلف الحاجز الزجاجي الذي يفصل الدرجتين، وتابعت في حسد ركاب الدرجة الأولى، بينما كان أبي غارقا في أفكاره التي تثيرها دائما أمثال هذه الزيارات.
قلت بحماس طفولي: «سيأتي اليوم الذي يزول فيه هذا الحاجز، بل ويصبح الركوب بالمجان.»
تذكرت الروايات التي أعشق قراءتها فأضفت: «والكتب أيضا!»
تطلع إلي باستياء من سذاجتي: نعم! الكتب بالمجان؟ يا لها من سذاجة!
ولم أتصور وقتها أن يأتي اليوم الذي تصبح فيه كتبي أنا متاحة للقراءة بالمجان! وذلك بفضل مبادرة جريئة من مؤسسة مصرية طموحة، فشكرا لها!
صنع الله إبراهيم
مدخل
Halaman tidak diketahui
1
ليس من الصعب معرفة ما كان يدور في أذهان الشبان المصريين الذين ابتلعتهم مياه
البحر الأبيض المتوسط
طوال سنوات التسعينيات من القرن الماضي والعشر الأول من القرن الجديد، أثناء محاولة التسلل إلى البلاد الأخرى؛ فلن يتعدى الحلم بالعمل والسكن والحياة الكريمة. لكن الأمر لم يكن كذلك في عام 1969م، رغم الآثار التي تركها العدوان الإسرائيلي قبل عامين.
فارق آخر، هو أن الخروج في الستينيات كان شديد الصعوبة على عكس الدخول (إلى البلدان الأخرى) ثم تبدل الحال إلى النقيض في التسعينيات.
ما كان يدور في رأس
صادق الحلواني - وهو في الجو وليس الماء - لم يكن حلما بالعمل والسكن والحياة الكريمة (فهو يشغل عملا محترما في مكتب
القاهرة
لوكالة الأنباء الألمانية، ويقيم في شقة مفروشة بحي
الزمالك ) وإنما كان حلما ثقافيا. ولا نقصد بذلك ما يقبع بين أغلفة الكتب وجدران الجامعات. ما نقصده سيتضح بعد قليل.
Halaman tidak diketahui
حط بمطار
شونفيلد
في
برلين الشرقية
مع الفجر. قادته بضع خطوات إلى ضابط قابع في صندوق صغير قاتم اللون محكم الإغلاق من كافة الجوانب، يفصله عن العالم لوح من الزجاج السميك، بقاعدته منفذ ضيق يتسع بالكاد لجواز السفر، ولا يسمح بأي حوار، وفي الأعالي مرآة عريضة تكشف ظهر الزبون الذي وقف في ممر لا يزيد عرضه عن بضعة سنتيمترات لم تترك مجالا للهاندباج التي يحملها.
رفع الضابط عينيه وصوبهما إلى وجه
صادق
مقارنا بينه وبين صورة الجواز. وطالع الأخير نظرة اتهام، فبدأ قلبه في الدق. وبعد تدقيق طويل وبحث متأن على شاشات لا يراها من مكانه نطق الضابط: اسمك؟
لم يكن
صادق
Halaman tidak diketahui
يعرف من الألمانية كلمة واحدة. لكن وقع الكلمة، القريب من الإنجليزية ولهجتها، أوحيا إليه بالإجابة.
السؤال التالي لم يفهمه: سبب الزيارة؟
لكنه حزره، فقال بثقة: إنه يعمل في وكالة الأنباء الألمانية. وذكرها بحروفها المختصرة التي تعرف بها: «أ. د. ن» لكنه نطقها بالإنجليزية التي تختلف في النطق عن الألمانية، فطلب منه الضابط أن يتنحى جانبا وينتظر.
طال انتظاره إلى أن جاءت النجدة على شكل ممثل لوكالة الأنباء؛ كهل في منتصف الخمسينيات، ممتلئ الجسم، ضاحك الوجه، حريص على تصفيف شعره الأشقر الذي يخالطه البياض. قدم نفسه باسم
نويمان ، وقال إنه رئيس القسم العربي الذي سيعمل به
صادق . تحدث الممثل مع الضابط طويلا ويداه متشابكتان فوق بطنه في تواضع واستعطاف، وعلى شفتيه ابتسامة معتذرة. أشار الضابط إلى
صادق
أن يقترب، وأعاد إليه جوازه، فعبر الممر الضيق، واصطدم بباب مغلق، فتحه الضابط بضغطة من إصبعه على زر خاص داخل قوقعته، فأصدر صوتا كصافرات الإنذار، ثم انغلق على الفور من خلفه بصورة أوتوماتيكية. ألفى نفسه بين الحراس المسلحين ورجال الجمارك الذين فتشوا حقائبه بدقة متناهية، وأخيرا انضم إلى 17 مليون شخص يعيشون في الجزء الشرقي من
ألمانيا ، بينما يعيش ضعفا هذا الرقم في الجزء الغربي.
صحبه ممثل الوكالة في سيارته. اعتذر عن تأخره في المجيء. وأكدت رائحة الخمر التي فاحت من فمه صدق الاعتذار. لكنه ساق السيارة بحذر شديد وهو يتمتم بكلمات حانقة موجهة إلى «الفأر الأبيض»، اللقب الذي استحقه شرطي المرور الصارم. ولم يمنعه هذا من إبداء الاستغراب لتمتمات الشاب المصري المعربة عن إعجابه وانبهاره بالشوارع المقفرة التي تطل عليها خرائب الحرب ويغطيها الجليد. سبب الإعجاب مرتبط إلى حد ما بالثقافة؛ فهي أول مرة يرى فيها أوروبا والجليد، كما أنها أول مرة يضع قدمه في أحد بلدان الجنة الاشتراكية. ولم يصدق أنه في المكان الذي شهد أحداثا جساما قبل عشرين سنة «وسيشهد أحداثا مماثلة بعد عشرين سنة أخرى». وظل يكرر بالإنجليزية: رائع، رائع. والكهل يتلفت حوله في حيرة بحثا عن الروعة التي اكتشفها هذا العربي بسهولة.
Halaman tidak diketahui
اقتاده الكهل إلى فندق قضى فيه ليلته أسفل لحاف منتفخ. وفي الصباح صحبه لشراء معطف صوفي ثقيل وحذاء مبطن بالفراء وقفاز جلدي ولفاعة صوفية، ثم غطاء للرأس على الطراز الروسي. وعندما اكتمل تسليحه لمواجهة الجليد، نقله إلى غرفة مفروشة بلحاف منتفخ في شارع
كارل ماركس ألليه . وهو شارع من البواكي والبنايات التي أقيمت على الطراز
الستاليني
في كل عاصمة من
أوروبا
الشرقية، بعد أن حررها الجيش الأحمر من النازيين؛ ولهذا صار من أهم الشوارع الرئيسة في المدينة.
كانت الغرفة بمسكن أحد العاملين في الحكومة مع زوجته وابنته. ولا بد أنه كان عضوا بالحزب الحاكم أو بأجهزته الأمنية، وإلا ما فاز بهذه الشقة وعهد إليه بإيواء الأجنبي.
حانت الفرصة الثقافية على الفور؛ فالبنت تتمتع بكافة المواصفات؛ طويلة رشيقة شقراء، بعينين زرقاوين ووجه مليح. التقاها لأول مرة في الصباح عند تناول الإفطار مع الأسرة في المطبخ . وكانت تعلم أنه لا يعرف الألمانية فحيته بالإنجليزية. لكن محصولها من هذه اللغة لم يسمح بالحوار معها. ولم تكد تنهي إفطارها على عجل حتى خرجت إلى عملها. ولم يتح له أن يراها ثانية في هذا اليوم ولا في الأيام التالية مباشرة.
لكنه وجد تعويضا في الوكالة نفسها؛ فعندما دخل صالة تحرير الأقسام الأجنبية لأول مرة وجد نفسه وسط العديد من صاحبات الشعر الأشقر، بل والأسود أيضا اللاتي تطلعن إليه في فضول. وكان القسم العربي في نهاية الصالة يفصله جدار رقيق من الخشب عن بقية الأقسام. وبه ممثلتان للثقافة، إحداهما شقراء باسمة الوجه (تعرج قليلا)، والثانية بضة ممتلئة بشعر أسود، والاثنتان جالستان أمام جهازي
تليبرينتر ، تستقبلان الأخبار بالإنجليزية والألمانية، وترسلانها بالعربية التي لا تعرفانها!
Halaman tidak diketahui
استقبله رئيس القسم
نويمان ، وقدمه إلى أعضاء الفريق الذين تلقوه بتحفظ ووجوم؛ ثلاثة عراقيين؛ اثنان من الأكراد، كما تبين فيما بعد (وتبين أيضا أنهما لا يتبادلان الكلام؛ لأن أحدهما يتبع حزب
البرزاني - الزعيم التاريخي للأمة الكردية - بينما ينتمي الثاني لحزب
الطلباني - الذي كان الذراع اليمنى للأول قبل أن ينشق عليه بدعاوى يسارية)؛ أحدهما قصير مدكوك الجسد، وسيم وأنيق الملبس
ماجد . والثاني طويل القامة، نحيفها، أصلع الرأس
فخري ، أما العراقي الثالث فعربي ضئيل الحجم مكتئب الوجه شديد الانطواء (انقطع عن العمل في اليوم التالي دون مبرر)، والرابع لا ألماني ولا عربي، وإنما من أب عربي وأم ألمانية يدعى «قادر». ثم الخبير
لانز بيرنبك .
خلع معطفه والقفازين ووضعهما في جيبي المعطف، ودس الكوفية في كمي المعطف ثم علقه فوق مشجب في مدخل القسم وفوقه القبعة. وبدأ العمل على الفور.
لم يكن للقسم من مهمة غير ترجمة الأنباء من الألمانية إلى العربية. ولم يكن المطلوب منه الترجمة، وإنما التحرير، وبعبارة أخرى: التأكد من سلامة الصياغة باللغة العربية. وقد بدأ على الفور بأنباء الاعتداءات الإسرائيلية على
الأردن ، والهجوم الشامل لثوار فيتنام الجنوبية، واحتفالات
Halaman tidak diketahui
القاهرة
بعيدها الألفي، حيث بلغ عدد سكانها قرابة الخمسة ملايين من ثلاثة وثلاثين مليونا هم تعداد السكان في كل
مصر .
وبالطبع كان أهم خبر في نشرة اليوم هو تصريح رئيس مجلس الدولة في «أ
لمانيا الديمقراطية ، وزعيم حزبها الحاكم
فالتر أولبريشت
الذي قال فيه: إن انتصارنا برهان قوي على تفوق النظام الاشتراكي على الرأسمالي. وتلته تحليلات عن أهمية التصريح ومعناه، ثم تعليقات الصحف المحلية والعالمية (التي لا تتعدى صحف البلدان الاشتراكية) عليه. يليه في ترتيب الأهمية تصريح للأدميرال
جورشكوف
قائد الأسطول السوفييتي بمناسبة وجود الأسطول في
البحر الأبيض ، قال فيه: إن علم الأسطول السوفييتي يرفرف اليوم بفخار فوق بحار العالم، وسوف تدرك
Halaman tidak diketahui
الولايات المتحدة - إن عاجلا أو آجلا - أن السيادة على البحار لم تعد وقفا عليها. ثم تقرير عن تدهور الموقف العسكري الأمريكي في
فيتنام
بعد أن أصبح الثوار على وشك اقتحام العاصمة
سايجون ، يليه خطاب للرئيس
جمال عبد الناصر
تحدث فيه بصراحة عن المعاناة النفسية القاسية منذ هزيمة 67.
خبران حفظهما عن ظهر قلب؛ لأنهما تكررا في الأيام التالية عدة مرات؛ الأول عن
برج التليفزيون
في
برلين
Halaman tidak diketahui
الذي بلغ ارتفاعه النهائي365 مترا في أكتوبر الماضي، وصار أعلى برج من نوعه في العالم بعد برج تليفزيون
موسكو ، وسيفتتح مطعمه في مناسبة الذكرى العشرين لإنشاء جمهورية
ألمانيا الديمقراطية
التي تحل في السابع من
أكتوبر
القادم.
الخبر الثاني عن معرض
لايبزيج
الربيعي القادم الذي يشارك به أكثر من عشرة آلاف عارض، من خمسة وستين بلدا بينهم أربعة آلاف وخمسمائة عارض من
ج. أ. د (الحروف المختصرة لجمهورية
Halaman tidak diketahui
ألمانيا الديمقراطية ).
اكتشف
صادق
أن المترجمين لا يعرفون غالبا الفارق بين صيغتي المضارع والماضي في اللغة العربية، ولا بين المفرد والجمع، خاصة عند كتابة الأرقام بالحروف. ملأ الصفحات بتصحيحاته وظهرت علامات الامتعاض على وجوه أصحابها، ثم انتقلت إلى الخبير الذي اعتمد الترجمة، وتأكد من أن تصحيحات
صادق
لم تخل بالمعنى. وناولها بدوره لعاملتي
التليبرينتر .
بعد أيام قليلة صار في وسعه أن يراجع الأخبار وهو مغمض العينين، فماذا يفعل 20 مدرسا من
الجمهورية العربية المتحدة (الاسم الذي عرفت به
مصر
Halaman tidak diketahui
في تلك الفترة) جاءوا في دورة دراسية لمدة عشرة شهور؟ ليس غير التعرف على الحياة الثقافية والمنجزات الاشتراكية للجمهورية
الألمانية الديمقراطية ، والإعراب عن إعجابهم بنجاحاتها. ومثلهم فلاحون سوريون يصرحون أيضا بإعجابهم وبأن التخطيط العلمي للإدارة والعلاقات الممتازة بين الناس هما من أهم أسباب التغييرات الحاصلة في
ألمانيا الديمقراطية . لكن هذه النمطية في الأخبار لم تفل من عزم الخبير الألماني الذي كان يعمل في مثابرة تستحق الحسد.
كان قصيرا بدينا، بعوينات طبية، ووقار جلي، وساق معطوبة من شلل أطفال، ومعرفة بعدة لغات بينها العربية التي ترجم منها عدة مؤلفات «عبر الترجمات الفرنسية». وتميز أيضا بثقافة موسوعية، وكان يعمل مديرا للنشر الأجنبي بدار نشر تسمى
فورهوت فرلاج ؛ أي «دار الطليعة». وأعير إلى القسم العربي بالوكالة ليتولى مراجعة ما يترجمه المترجمون من الألمانية إلى العربية، ويتحمل المسئولية عن ركاكة أسلوبهم. وقيض له أن يتحمل مسئولية جديدة.
2
وجد
لانز بيرنبك
في الشاب العربي تربة صالحة وأرضا بكرا لزرع أفكار الثقافة التقدمية والكلاسيكية أيضا؛ فلم يكن الشاب يعرف مثلا أن
باخ
Halaman tidak diketahui
كتب موسيقاه وسط الضجة الصادرة عن أطفاله الاثني عشر، أو أن الشاعر الروسي العظيم
بوشكين
من أصل أفريقي.
انطلقت البداية من مكان ملائم، مطعم النادي الروسي بشارع
أونتر دين ليندن
بجوار الجامعة؛ حيث اصطحبه بعد العمل للاستمتاع بحساء
السوليانكا
اللذيذ مع كأس
فودكا
وبعض المعلومات عن حياة
Halaman tidak diketahui
لينين . وفي اليوم التالي إلى مطعم قديم يقدم الأكلة الشعبية الكلاسيكية المؤلفة من كوارع الخنزير الشهية، أضاف إليها معلومات قيمة عن
توماس مان . وعظماء
برلين ؛
ليسنج
و
هومبولت
و
هيجل ، و
كارل ماركس
بالطبع. ولا بد أنه كان يفكر في أنه يواصل التقليد القديم الذي يتولى فيه أحد المثقفين الكبار احتضان شاب أجنبي وتثقيفه ليقوم بعد ذلك بنشر الثقافة في بلده الأم.
Halaman tidak diketahui
دارت عمليات التثقيف بوسط المدينة حول مقر الوكالة بطبيعة الحال؛ الشارع الطويل هو
فريدريش شتراسه . قلب المدينة وبه محطة القطار ونقطة عبور إلى
برلين
الغربية، ويعلوه جسر المترو القادم من الجزء الغربي، وفي جدار الجسر لوحة مضيئة بالأخبار المتحركة لا يبالي بها أحد، بسبب أخبارها التي لا تجاوز تصريحات رئيس الدولة والحزب واجتماعات رسمية مع ممثلي دول أخرى لا تسفر إلا عن «التفاهم المتبادل». وعلى بعد خطوات مسرح
برلينر انسامبل
الذي قدم عليه
بريخت
أشهر أعماله قبل الحرب، وهناك أيضا
الرايخستاج ، مبنى البرلمان، الذي استغل
هتلر
Halaman tidak diketahui
حريقه ليفرض قبضته الحديدية على البلاد ملصقا تهمة الإحراق بالشيوعيين.
وعلى الجانب الآخر من الشارع منزل أقام به
كارل ماركس
بعض الوقت، تليه وكالة الأنباء، ثم أشهر نقطة هي التقاطع مع شارع
أونتر دين ليندن (تحت شجر الزيزفون)؛ حيث الفندق الذي يحمل نفس الاسم (والذي أخذت ردهته وباره وقتا طويلا منه، وهدم بعد ذلك في عام 2006م).
كان هذا الشارع الذي يقطعه حائط
برلين
في المنتصف يمثل مركز المدينة في
برلين
ما قبل الحرب. أقيمت فيه العروض العسكرية البروسية، ومن بوابة
Halaman tidak diketahui
براندنبورج ، التي تنتصب فوقها عربة مذهبة تجرها أربعة خيول، مر
نابليون
في موكب النصر، وعندها تحصن الثوريون عام 1848م، وعام 1918م. وعبرها انطلق الآلاف لخوض الحرب العالمية الأولى وهم يهللون ويطلقون صيحات النصر، وأشعل النازيون عام 1933م أكواما من الحطب لحرق الكتب، وتقدم جنود الجيش الأحمر في نهاية الحرب الثانية وهم يخوضون المعارك الضارية من بيت إلى بيت. وربما لهذا أقيم قرب البوابة مبنى السفارة السوفييتية وعلى صارية العلم المنتصبة فوق برج يشبه المعبد رفرفت النجمة السوفييتية، واستقر
لينين
في تمثال نصفي في الحديقة الأمامية خلف سياج من القضبان الحديدية الغليظة. ولم يلبث الجدار الذي أحاط
برلين
أن وضع نهاية للشارع عند بوابة
براندنبورج
حتى سقط في عام 1990م، كما سقطت الجمهورية الديمقراطية نفسها، واحتفل الألمان بتحقيق الوحدة بين الشرق والغرب.
بعد التقاطع الشهير يمتد شارع
Halaman tidak diketahui
فريدريش شتراسه
إلى نقطة الحدود الأمريكية،
شارلي شك بوينت ، المخصصة لعبور السيارات؛ حائط عال من الأسمنت على طوله أبراج مراقبة مزودة بالأنوار الكاشفة، حواجز ملونة بالأحمر والأبيض، يتخلل كل متر منها حراس حدود وجمارك في أرديتهم العسكرية الرمادية. وعلى جانبي الشارع منازل وحوانيت متهالكة تظهر آثار طلقات المدافع الرشاشة في جدرانها، بينما تغطي نوافذها صور أبرز ممثلي العمل الاشتراكي. ولا يكاد يظهر أثر المارة (فيما عدا سيارات
المرسيدس
و
الفورد
و
الرينو
القادمة من الشطر الغربي) فلا أحد يجرؤ على الاقتراب من النقطة التي تبدو منها تفاصيل الجانب الآخر إلى حيث يتطلع قاطنو الجزء الشرقي في شجن.
بدأ
Halaman tidak diketahui
بيرينبك
برنامجه بدروس في اللغة الألمانية، واستخدم أسلوبا ثوريا؛ فبدلا من كتب تعليم اللغة التقليدية استعمل رواية
هينريش مان
الكلاسيكية،
البروفيسور أونرات
التي مثلتها فيلما
مارلين ديتريش
باسم «الملاك الأزرق». وفي صحبة البيرة والكوارع - في المطعم القريب من ميدان
كارل ماركس بلاتز - بدأ تعليم السطر الأول الذي تميز بإيقاع جميل (لأنه كان يسمى
رات (أي المستشار) لقبته المدرسة بأجمعها
Halaman tidak diketahui