فقال بحدة: نحن هنا لا يدري بنا أحد! - ابعد .. دعني.
وقام سيد عزت. وبقيامه تأكد من أنه ثمل حقا. وضع يده على كتف الكهل الطويل، وقال برجاء: علي بيه، اعقل، لا تفضحنا!
فصاح به وهو يزيح يده بحركة من كتفه: اعقل أنت، سيأتي دورك يا غبي.
وتأوهت المرأة متألمة؛ فهتف سيد بغضب: دعها .. أقول لك دعها .. ألا تفهم؟
وأمسك بذراعيه محاولا فكهما. جذبهما بأقصى ما استطاع من قوة. انضغطت المرأة بينهما حتى استشعر بضاضتها. تراجع خطوة وهو يضاعف من قوة جذبه، وقد لفحه خجل آثم. وصاح علي بركة بجنون: ابعد وإلا ... - ستوقعنا في فضيحة.
وهتفت المدام: سأصرخ .. أقول لك إني سأصرخ!
ودار سيد عزت حولهما حتى وقف وراءه فقبض على عنقه، وشده منه بلا رحمة حتى كاد أن يختنق، فتراجع إلى الوراء كالمتهاوي. وترنحت المدام، ثم انحطت فوق الكرسي مغمضة العينين. ولم يعد يسمع إلا لهاثهم. خلا كل إلى نفسه يضمد جروح روحه. المدام كالنائمة، وعلي بركة مائل إلى الجدار، وسيد متقلص الوجه من الغثيان. وقال علي بركة بحقد: لن أدفع حساب أحد!
مدت المدام يدها إلى حقيبتها، ولكن سيد عزت أمسك بها بحنو، وهو يقول له: لن يدفع لنا أحد.
ورجعوا إلى الصمت والإعياء. ثم خطرت لسيد فكرة فنادى الجرسون، وقال له: «كأسان من فضلك»، وقبل أن يختفي الرجل وراء البرافان قال له علي بركة: «ثلاثة من فضلك». وشربوا هذه المرة وكأنهم يتداوون، في صمت وبلا مرح. وراح علي بركة يقطع الحجرة ذهابا وجيئة. ثم غادر الحجرة فغاب دقائق، ثم عاد بوجه مغسول وأسارير هادئة. ونقل بصره بينهما، ثم قال: دفعت الحساب، كله.
فاحتج سيد عزت قائلا: لا. - دفع وانتهى الأمر.
Halaman tidak diketahui