تتابعت اللقطات الأولى المعتمة والمشوهة، وظهر اسم الفيلم فوضعت سن القلم على الورقة دون أن أرفع عيني عن الشاشة الصغيرة، وشرعت أسجل ما أراه:
لقطات عامة للطبيعة، الثلج يغطي قمة الجبل، أشجار الأرز تبرز من تحت الثلج الذائب، سفح الجبل يتغطى بخضرة سابغة، أشجار توت وتين وبرتقال، جدول ماء تحت شجرة جوز، أشعة الشمس تلتمع فوق المياه، شجيرات التبغ الصغيرة الخضراء، أوراق التبغ السمراء فوق قطع من القماش على حافة طريق إلى جوارها مزارعون في ملابس بيضاء وسراويل منتفخة، رعاة ماعز، راديو ترانزستور فوق حمار، فيروز تغني: يا طير الوروار.
الطريق يمتد صاعدا إلى قصر كبير فوق ربوة، في شرفة واسعة جلس «البك» في ملابس ريفية وفوق رأسه طربوش قصير مائل، على مقربة عدد من «القبضايات» ينتظرون أوامره.
الطريق يخترق قرية، حوار ترابية وبيوت واطئة، أمام أحدها تربع عجوز فوق مصطبة حجرية يدخن «الأرجيلة»، متجر به عدة موائد خشبية يلعب حولها عدد من الصبية لعبة مثل الفليبرز.
القرية بالليل، شبان صغار في قمصان وبنطلونات يطوفون بطرقاتها حاملين مصابيح اللوكس وهم يهتفون: بدنا الوحدة باكر باكر، مع ها الأسمر عبد الناصر.
فيروز تغني: «حبيتك بالصيف، حبيتك بالشتي.»
فيروز في أغنية أخرى تتميز بإيقاع سريع، غربي.
كانت باللهجة اللبنانية فلم أتمكن من تمييز كلماتها. وأشرت إلى أنطوانيت أن تعود إليها، فأوقفت العرض. ومدت يدها إلى طارة متصلة بمحور المافيولا، فحركتها ببطء، وعاد الفيلم إلى الوراء.
بدت لي الأغنية مألوفة، لكني عجزت مرة أخرى عن تمييز كلماتها، وأدركت بعد لحظة ما اجتذب انتباهي إليها؛ فقد كانت الموسيقى لأغنية أوروبية شائعة. وبدا مزيج العامية اللبنانية والموسيقى الغربية الراقصة غريبا.
أوضحت أنطوانيت: الأغنية اسمها «كان زمان».
Halaman tidak diketahui