أشار لنا أن نجلس، ثم خطا ببطء وهو يحرك إحدى ساقيه بصعوبة، واحتل مقعدا في مواجهتنا. تأملني صامتا دون أن تختفي البشاشة من وجهه. كان وجها وسيما، حاد التقاطيع، تملؤه التجاعيد التي تتناقض مع شعر أسود فاحم، تدلت منه خصلة فوق جبهته. وكان ثمة تعبير غريب في عينيه لم أتبين مغزاه .
ساد بيننا الصمت فأشعلت سيجارة. وفعلت أنطوانيت المثل. وأخيرا اغتصبت ضحكة وقلت لها: ألن تعرفيني بصديقك ؟
قالت: وليد فلسطيني من مواليد يافا. وهو معلم رسم في مدرسة المخيم. كما أنه يعمل في الترجمة بمؤسسة الإعلام.
وأضافت بعد لحظة: لقد حدثته عنك، وهو سعيد بلقائك.
نقلت البصر بينهما في حيرة. ولاحظت أن عينيه لا تفارقان شفتيها.
قالت بصوت مرتعش: إنه لا يسمع ولا يتكلم.
تطلعت إليه، فبادلني النظرات، وأحسست أنه فهم ما قالته.
سألتني: ماذا تريد أن تشرب؟ لا أظن أننا سنجد خمرا هنا.
قلت بسرعة: لا أريد أن أشرب شيئا.
قالت: نفسي في قهوة، أعمل لك معي؟
Halaman tidak diketahui