Beirut Menangis Malam
بيروت البكاء ليلا
Genre-genre
وحتى عندما صافحه المهاجر مبتسما مودعا أعاد قوله: ما الفائدة؟
كانت الشوارع الصماء غارقة في ظلامها الدامس، ولا شيء ينبئ عن حياة سوى كوميونات المسلحين عند مفارق الطرق، وكانت السيارات المحترقة مكدسة على جانبي الشوارع بكثرة واضحة.
وبدت الدور التي رحل عنها أصحابها خامدة مستسلمة للوحشة التي حطت على جدرانها وكواهلها، أما أرضيات الشوارع والميادين الفسيحة فقد فرشت بشظايا الزجاج المتطاير من الأبواب والنوافذ والشرفات، ولم يعد يسمع سوى القصف المتلاحق عبر البحر والمحاور.
وكثرت بشكل ملفت أفواج الكلاب والقطط الضالة التي اتخذت أصواتها من نباح ومواء حدة أحالتها إلى أكثر ضراوة.
وحين تيقن من أن العدوى أصابته تداخل أكثر إلى أقرب سور واندفع يعوي.
الفصل العشرون
أيقظه من إغفاءته أول سرب طائرات مغيرة جاء عبر البحر كالعادة مبكرا جدا مع نسمات الصباح، ومطلع يوم جديد من أيام الحصار والعدوان.
تحسس من فوره هويته، ولدهشته لم يعثر عليها في جيب سرواله الخلفي كما اعتاد على وضعها، بل عثر عليها في جيب سترته الأعلى، ولم يطل تفكيره فيما حدث، ذلك أنه رأى أناسا يجرون مسرعين في اتجاه واحد، فاندفع مجهدا مؤرقا في أثرهم لا يعرف له اتجاها بعينه، رابطا بين قصف الطائرات المغيرة على الأحياء والبيوت التي لا تزال تغط في نومها، وبين أكداس المنشورات التي لا بد وأن محتواها كالعادة مطالبة البقية الباقية من سكان بيروت بالفرار هربا بالجلد وإنقاذا له: ليخلو الجو لهم.
واصل عدوه مرهقا: بيضوا واصفروا.
تداخل مع الفارين إلى حد أنه عاد فسبق الكثيرين منهم، خاصة النساء الثكالى والمسنين والمصابين.
Halaman tidak diketahui