65

Beirut Menangis Malam

بيروت البكاء ليلا

Genre-genre

حتى إذا ما لامستها النيران ... بقايا سيكارة اشتعلت من فورها وتفجرت من هنا ومن هناك.

وبذا، لم يوقف تفاقم الأمر سوى تحذيرات المسئولين عبر الراديو والتليفزيون. - أبعدوا النيران عن الزبالة.

سمعت قرقعات أقدامهم وأسلحتهم الهمجية عالية وهم ينزلون سلم البدروم الحلزوني المفضي إلى حيث الشقة، وحين اندفعوا داخلين ثبت الجميع في أماكنهم كمثل دمى، الأم ومن حولها بناتها الثلاث.

وامرأتان من الجيران كانتا تلعبان الورق وهما تدخنان وتحتسيان رشفات القهوة الباردة تحت وهج شمعدان نحي في ركن الجدار.

وحين دخلوا لم يتعرف سحنتهم أحد، ذلك أنهم صوبوا من فورهم بطارياتهم وأسلحتهم، حتى إن المهاجر تخاذل جالسا قليلا على أقرب كنبة، ثم هب من فوره منتصبا، دون تيقن إرادي من تصرفه العفوي على هذا النحو، كان مشهدهم مدججين بالظلام، بشعورهم الطويلة المرسلة وتسلطهم وأسلحتهم من مدافع وخناجر وقنابل.

كفت المرأتان عن اللعب، ومن فورهما هبتا واقفتين متداخلتين في تساند.

تبادل جميع الموجودين فردا فردا النظرات المريبة إلى حد الكراهية، انحباس التنفس ذاته، لجنود الدخلاء ذوي العيون الزرقاء والخضراء بخوذاتهم وتجهمهم وقنابلهم المتفجرة من حول أجسادهم.

والناس داخل بيوتهم، البنات الثلاث، المرأتان إلى بعيد، المهاجر الضيف في انزوائه، يده على جيب بنطلونه لحظة استعداد لإخراج هويته، حيث تجمدت يده، مما لفت نظر أحد الجنود الذي أرابه الأمر فاندفع مسلطا ضوء بطاريته على عينيه. هنا أخرج الهوية والأوراق مقدما.

الأم في حنقها الدفين تتأملهم بأقصى شراسة يمكن لعينين أن تفصحا عنها هذه السيدة الرقيقة ذات التقاطيع السمحة، والتي كثيرا ما أكل من يديها الحانيتين وهي تناقشه في كل شيء حتى حكايات القرى والضياع ولغوها. إلياس أبو شبكة وبودلير والتكافؤ مع الشر.

أية شرور يا لبنان!

Halaman tidak diketahui