Beirut Menangis Malam
بيروت البكاء ليلا
Genre-genre
تذكر أنها عادت فخطفت فنجانه وارتشفته بكامله، لعلها لا تزال داخل قفصها بشباك المطبخ على ذات النحو.
جاهد طويلا هذه المرة في منع نفسه من أن يجهش بالبكاء، حيث هو وحده بلا عين أو رقيب، سوى المرآة المؤسفة المحدقة تترصده من جوانبه العدة، كمثل شخص يقظ لم تلحقه قهوة العالية تكبرها: اشرب.
ها هو نهبا لأسره الاختياري يمزق جلد وجهه، بينما من المرآة تطل عليه في خرسها فتاة راشيا الفخار، الجنوب، بقميصها قاتم الزرقة، وحنانها الطافح تضع من فورها يدها على فمه كمن تمنعه من الصراخ، النحيب الليلي، الذي يلازمه منذ أن كان يحبو على أربع مثل دواب الأرض ... جرذانها.
في تلك الأيام الخوالي التي سبقت دخول الكهرباء وتوابعها من بوتاجاز وراديو، وتليفون وتليفزيون، وشاحنات وسيارات الميكروباس والتيوتا، وسخانات المياه والسيفونات.
اندفع يحبو عبر الحواري الموحلة والمتنزهات الغاصة بزهور عباد الشمس ونجيل الأرض البري، خلجان الضفادع، وفراشات ديدان القز، والحدآت العملاقة المهاجمة، سارقة الأطفال الرضع، كما تروي عنها آداب الكلام، القطط وولائمها المسحورة في أعياد اللحم، والضحايا في عالم الدواب وما تحت الأرض.
حاول تذكر واحدة دون جدوى، تذكر بدلا منها حكاية أنكيدو مع حيواناته البرية، تلك التي كان يعاشرها عند موارد المياه، إلى أن اقتنصته عاهرة أوروو حين كشفت له عن فرجها، مهبلها الصغير المكفهر؛ حيث كان يستبقي مع حيواناته من نمور وأيائل وحمير وحشية وحيات.
فكان أن ضاجعها سبعة أيام وست ليال، وحين عاد إلى حيواناته أدارت له ظهرها، وفرت هاربة منه، يا للإدانة!
قام من فوره متسندا فاتحا حقيبته الكبرى، ملقيا بكومات كراساته ونوته وأوراقه الصفراء، وهو يجرها جرا إلى حيث الطاولة الكبيرة التي أعدت للأكل والولائم، فأحالها إلى مكتب تعلوه أكوام الكتابات الخطية والمراجع الرثة، تحسس رأسه بين كفيه، مبعدا شبح ذلك الكابوس الليلي.
ابدأ بالتصنيف، هه، ها هي حكايات الجان المردة النداهات أم الشعور، أشباح ما تحت الأرض، أين؟ ومن عليها في كل شق ومكان، وأينما وجد حيز، تلك التي ما إن يواجهها الإنسي: اتشطر على من قتلك.
حتى تتوارى من فورها، إن لم تحترق بنيران أحقادها حيث هي.
Halaman tidak diketahui