Antara Pasang dan Surut: Halaman Bahasa, Kesusastraan, Seni, dan Peradaban
بين الجزر والمد: صفحات في اللغة والآداب والفن والحضارة
Genre-genre
الجواب:
شعر شعرائنا يستمد الآن من ينابيع شتى لا من ينبوع واحد؛ فهناك الشعر المستمد من الشعر العربي القديم يتحداه ويعارضه بالوصف والتشبيب والمجاز، وهو قلما استحسن الجديد، وشعر آخر يستمد من القديم كذلك إلا أنه يتناول بعض المعاني العصرية ويلخص شيئا من النزعات الشائعة، فيصبها في قوالب قديمة يحرص عليها جد الحرص. وهناك الشعر الجديد الصرف أي المستمد من المعاني الجديدة والانفعالات الجديدة والمعارف الجديدة (له)؛ فيصوغها في قوالب مبتكرة متفلتا من القيود القديمة إلى تحدي الإفرنج في تعديل الأوزان وتنقيح القوافي. وهذا الشعر تختلف شعبه باختلاف معرفة أهله للغة الفرنساوية أو الإنجليزية أو غيرها، ولكن هاتين اللغتين بما نقل إليهما عن اللغات الأخرى هما الشائعتان.
السؤال الثالث:
ما وجهة الشعر العربي الحديث؟ وماذا عمل فيه من المؤثرات؟
الجواب:
أما وجهته المعنوية فلم تبرز بوضوح حتى الآن، وإني لا أرى غرضا مقررا يرمي إليه بمجموعه أو في قطر من الأقطار، إلا كونه سائرا مع الجيل الجديد من الشعراء إلى التحرر يوما فيوما من الأسلوب القديم والتعبير القديم والقيود الصناعية التي يتمشى عليها أنصار القديم آمنين. أما المؤثرات فأهمها الشعور بحاجة البلاد وآلامها، والشعور كذلك بجمالها وخلودها، يصحبه استفزاز العاطفة الوطنية، والتغني بحميد الصفات الشرقية، وتعظيم الشرق وتمجيد الحرية. ومؤثرات أخرى اكتسابية أتت عن طريق الدراسة والاطلاع على مبتكرات الغرب فلفتت الشعراء إلى ما هو جدير بعنايتهم وأغانيهم، وشرحت لهم بعض ما يخالجهم، ودلتهم على كيفية الإفصاح عنه. وعندي أن أظهر ميزة في أبناء اليوم أنهم يعتلجهم القلق أمام مشاكل العالم. أدركتهم حمى الحياة فهم يبحثون من المسائل، ويعون من معاني المجتمع والطبيعة، ويحسون من روح الوجود ما كان ولا يزال الجيل السابق غافلا عنه. ومن الدلائل اعتقاده البادي في آثاره أن مشاكل العالم تحل «بالنصائح»، وأن ما نراه من التشويش والضجيج راجع إلى «عناد» الناس «وغرورهم»!
السؤال الرابع:
أتوجد في مصر أو في غيرها جماعات منظمة من الشعراء؟ وإذا كانت هذه الجماعات موجودة فما ميولها ومن زعماؤها؟
الجواب:
لا أرى شيئا من ذلك في مصر. لا يوجد هنا جمعية واحدة لا للشعر ولا للنثر، وهو أمر يؤسف له، وبي استعداد لألوم بسببه أحدا ما، ولكني لا أدري إلى من أوجه الملام. أما سوريا فقد كان فيها جمعيتان أو ثلاث: إحداها «الرابطة الأدبية» في دمشق ورئيسها خليل بك مردم بك، لم تشتغل هذه الرابطة إلا سبعة شهور ثم انحلت بأمر الحكومة، وعطلت مجلتها لأن أحد أعضائها اشترك في حركة ثوروية، وألقى قصيدة اعتبرت مهيجة، فلم ينفسح لهذه الجمعية الوقت لترينا ميلها بجلاء، إلا أنها كانت تعنى بجدة المعنى في الشعر ومتانة المبنى، وتنقل إلى العربية شيئا من آثار الإفرنج، وتتعهد النزعة الأدبية الحديثة وجانبا من النقد الأدبي مع تمسك بأصول اللغة ومميزاتها. وقد تشتت الآن أعضاؤها، وما زالوا يعالجون كل ما يميل إليه بطبيعته من شعر وأدب ونقد.
Halaman tidak diketahui