Antara Agama dan Falsafah: Menurut Pandangan Ibn Rushd dan Para Filsuf Zaman Pertengahan
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Genre-genre
بل إنه كاد بصنيعه أن يمحو ما أنزله الله في التوراة من هدى ونور!
هذا، وسنرى عند الحديث عن التأويل لدى ابن ميمون، كيف أن سبينوزا الفيلسوف اليهودي أيضا يعارض التأويل المجازي معارضة شديدة، ويرى أن التوراة يجب أن تفسر بالتوراة نفسها، لا بالفلسفة اليونانية أو غيرها من الفلسفات المختلفة. (3) التأويل لدى ابن ميمون
إذا تركنا فيلون، وتخطينا العصر الذي كان يعيش فيه ببضعة قرون، نجد حبرا آخر من أحبار اليهود وفلاسفتهم يرى ضرورة التأويل المجازي للتوراة، نعني بذلك «ابن ميمون» الذي كان يعيش في القرن الثاني عشر، بل نجد قبل ظهور ابن ميمون نفس التأويل لدى غيره من مفكري اليهود، مثل سعاديا الفيومي (892-942م)، وابن جبريول من رجال القرن الحادي عشر. •••
ولأجل فهم طريقة ابن ميمون في التأويل، وغرضه منه والبواعث التي بعثته عليه، لا نرى خيرا من الرجوع إلى كتابه «دلالة الحائرين»، فقد أفصح عن ذلك كله بما يكفي الباحث ويرضيه، إنه يقول في مقدمة هذا الكتاب: «هذه الرسالة لها أيضا غرض ثان، وهو شرح النصوص المجازية الشديدة الغموض، هذه النصوص التي نصطدم بالكثير منها في أسفار الأنبياء دون أن يكون واضحا أنها من المجاز، والتي - على الضد من هذا - يأخذها الجاهل والذاهل على معناها الخارجي، دون أن يرى فيها معاني خفية.»
وهو يرى أولا وقبل كل شيء أن الأنبياء - وتبعهم في هذا علماء الشريعة - قد تكلموا بالمجاز عامدين في الدين، وبخاصة إذا كان الأمر أمر المعارف التي لا تطيقها العامة، والتي لا يصل إليها إلا الخاصة، نعني قصة التكوين التي هي علم الطبيعة، وقصة «المركبة السماوية» التي هي علم ما وراء الطبيعة، وهو في هذا يقول: «إنه لأجل هذا نجد هذه الموضوعات أيضا تتركز في كتب النبوات على المجاز، كما نجد علماء الشريعة يتكلمون فيها بالمجاز وبالإلغاز، وهم يتبعون في ذلك خطة الكتب المقدسة.»
26
وإذن يجب التأويل لفهم المجازات وما ترمي إليه من معان، فذلك - فيما يؤكد ابن ميمون - هو المفتاح لفهم كل ما قاله الأنبياء، ولمعرفة حقيقته تماما، وبهذا التأويل نتجاوز المعنى الظاهر للنفس إلى المعنى المراد، وكم بينهما من فرق!
على أن للمعنى الظاهر قيمته بالنسبة لطائفة خاصة، كما للمعنى الخفي قيمته بالنسبة لطائفة أخرى؛ فكلمات الأنبياء تحوي ظاهريا الحكم النافعة في سبيل تحسين حالة الجماعات الإنسانية، وغير هذا من أنواع الخير، ولما ترمي إليه من معان خفية منافع لا بد منها، وبخاصة في العقائد ما دام موضوعها هو الحقيقة لا ما يشبه الحقيقة.
27
وإذا كان ابن ميمون يرى ضرورة التأويل المجازي كما رأينا، فهل يترك نفسه وغيره يؤول كما يريد؟ أو هناك قواعد وأصول ينبغي أن يستهدي بها؟ للإجابة عن هذا نذكر أنه ترك لنا فيما كتب ما يدل على أنه كان هناك أصول يسترشد بها، ويمكن استخلاص هذه الأصول من تآويله نفسه في كتابه «دلالة الحائرين»:
Halaman tidak diketahui