Antara Agama dan Falsafah: Menurut Pandangan Ibn Rushd dan Para Filsuf Zaman Pertengahan
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Genre-genre
وبعد هذه اللمحات التي نكتفي بها في بيان أن مشكلة الصلة بين الوحي والعقل، في ناحيتيها اللتين أشرنا إليهما، قد عرضت للفلاسفة والمفكرين من رجال الدين في مختلف العصور من غير المسلمين ومن المسلمين، ورأى كل فريق منهم حلها وتحديدها على ما عرفنا بعد ذلك، نعود إلى هدفنا الأصلى هنا وهو بيان موقف ابن رشد من هذه المشكلة، وذلك لنضعه حيث يجب بين هؤلاء المفكرين. •••
إن فيلسوف الأندلس مهما أشاد بالعقل ونظره وقدرته على المعرفة، يصرح بأن هناك أمورا يعجز العقل عن معرفتها، وإذن فلنرجع إلى الوحي الذي جاء متمما لعلم العقل، فإن «كل ما عجز عنه العقل أفاده الله تعالى الإنسان من قبل الوحي.»
45
وهذه الأمور التي يعز إدراكها على العقل سيجيء بعد قليل جدا بيانها، وذكر مثل لها، ولكنا نقول الآن إنها كما يذكر فيلسوفنا نفسه، أمور من الضروري علمها لحياة الإنسان ووجوده وسعادته
46
ونرى ابن رشد يكرر هذا الذي يراه ويؤكده في موضع آخر، حين يذكر أن الفلسفة تعنى بتعرف ما يجيء به الشرع، فإن أدركته كان ذلك أتم في المعرفة، وإلا أعلنت بقصور العقل الإنساني عنه، وأن هذا مما يدركه الشرع وحده.
47
ومن الواضح شبه هذا الرأي بما نقلناه آنفا عن المفكرين من رجال اليهودية والمسيحية في هذه المشكلة، من أن على العقل أن يفهم ما جاء به الشرع، ومن بطئه عن الوحي في المعرفة، ومن عجزه أحيانا عن الوصول لما جاء به، والنتيجة الحتمية لذلك هي ضرورة اللجوء أحيانا للوحي الذي هو أعلى من العقل ونظره وتفكيره.
ومهما يكن من شيء؛ فالأمور التي لا يكتفي العقل بنفسه في معرفتها تتلخص كما يرى فيلسوف الأندلس في معرفة الله، والسعادة والشقاء الإنساني في هذه الحياة الدنيا وفي الحياة الأخرى أيضا، ووسائل هذه السعادة وأسباب هذا الشقاء.
وذلك بأن الفلاسفة (ولعله يريد الفلاسفة اليونان) يرون أن الإنسان لا تقوم حياته وسعادته في هذا العالم وفي العالم الآخر، إلا بالفضائل النظرية التي لا يوصل إليها إلا بالفضائل الخلقية، وهذه الفضائل لا تتمكن في النفس إلا بمعرفة الله وتعظيمه بالعبادات المشروعة حسب الملل المختلفة، مثل القرابين والأدعية والصلوات، ونحو هذا وذاك مما لا يعرف إلا من الشرع الموحى به.
Halaman tidak diketahui