وهتفت زينب: أنا التي سمعتهم ثم أطللت من النافذة فرأيتهم وأيقظت سي ياسين.
وواصل ياسين الحديث قائلا: لقد نقرت على باب والدي حتى استيقظ وأخبرته، ولما رآهم بنفسه أمر بألا يغادر البيت أحد وألا يرفع مزلاج البيت، ولكن ماذا هم فاعلون؟ ... وما عسى أن نصنع؟ ... ألا توجد في البلد حكومة تحمينا؟
فقال له فهمي: لا أظنهم يتعرضون لغير المتظاهرين. - ولكن حتى متى نظل محبوسين في بيوتنا؟! ... إن البيوت ملأى بالنساء والأطفال، فكيف يعسكرون تحتها؟
فغمغم فهمي في ضيق: سيجري علينا ما يجري على غيرنا، فلنصبر ولننتظر.
وهتفت زينب في عصبية ظاهرة: لم نعد نسمع أو نرى إلا الرعب والحزن، ربنا على أولاد الحرام.
عند ذاك فتح كمال عينيه فرددهما دهشا في المجتمعين في حجرته على غير انتظار، ثم جلس في فراشه وتطلع إلى أمه بعينين متسائلتين، فاقتربت من فراشه وربتت بيدها الباردة على رأسه الكبير، ثم قرأت بصوت مهموس وعقل شارد الفاتحة، فسألها الغلام: ماذا جاء بكم إلى هنا؟
رأت أن تبلغه الخبر في أحسن صورة ممكنة، فقالت برقة: لن تذهب اليوم إلى المدرسة.
فتساءل بابتهاج: بسبب المظاهرات؟
فقال فهمي في شيء من الحدة: الإنجليز يسدون الطريق!
شعر كمال بأنه أدرك سر تجمعهم، فقلب عينيه في الوجوه مذهولا، ثم وثب إلى النافذة ونظر من خصاصها طويلا، ثم عاد وهو يقول باضطراب: البنادق أربع أربع.
Halaman tidak diketahui