Antara Agama dan Sains: Sejarah Konflik Antara Keduanya dalam Abad Pertengahan Terhadap Ilmu Falak dan Geografi serta Evolusi
بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطى إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
Genre-genre
على أننا لا نترك الموضوع عند هذا الحد؛ فلا بد من أن نظهر أن هذه المنتجات لا تتخالط مطلقا، وبذلك لا تتعادى ولا تتصارع.
يقال إن العلم ذو صفات ثلاث؛ يقال إنه تام، إيجابي، موضوعي. وإن الفرق بينه وبين صور الفكر الأخرى أن هذه غير تامة مبهمة ذاتية. إن العلم يؤدي للعقل نواتجه أو فكراته في اصطلاحات محدودة بالتعريف، مباشرة المعنى، بينما تجد أن هنالك عالما في الأدب والنواتج العقلية غير محدود بالتعاريف، رمزي في قوامه غير مباشر المعنى والتعبير. إن العلم يسلم بأن ليس له من دعامة إلا دعامة المعرفة، على أن تكون بينة جلية تامة الوضع. لهذا تجده مناظرا في طبيعته لنواحي الفكر الأخرى المرتكزة على الآراء والاعتقاد والإيمان، ولا يغيب عنا أن هذه المصطلحات إما أن تشير إلى الأسلوب الذي ينتحى في البحث، وإما أن تشير إلى موضوع البحث ذاته. أما العلم فيفخر بأن له أسلوبا ثابتا لا يحتمل الجدل ولا يسع التورط في المسائل الخلافية النظرية. أما بقية فروع الفكر فإما أن تستعير أساليبها من الأسلوب العلمي، وإما أن تطبق أساليب متغايرة لم يجمع عليها الإجماع كله، وإما أن تأبى الخضوع لأسلوب ما على وجه عام.
2
فالعلم يتناول كل الأشياء أو الموضوعات التي تطرأ على أذهان السواد الأعظم من الناس أو تمس مصالحهم، وهي موضوعات قد يبلغ إلى الإحاطة بها كثير من الناس؛ ولهذا يفخر العلم دائما بأن مشاهداته واستنتاجاته خاضعة دائما للتحقيق والبحث آنا بعد آن؛ لذلك تجد أن شطرا عظيما من المشاهدات والاستنتاجات العلمية قد تؤخذ في أكثر الأحيان على أنها حقائق تامة أجمع على صحتها وثباتها، فيمضي الذين لا يأنسون من أنفسهم القدرة على تمحيصها وبحثها، أو الذين تقعد بهم الهمة دون فحص براهينهما، قانعين بأنها أشياء بديهية ثابتة لا مبدل لها. غير أن هنالك أشياء كثيرة تقوم في عقل كل فرد من الأفراد، شخصية في طبيعتها ذاتية في مبعثها، ولهذه الأشياء في أنفسنا من الشأن والخطر ما يعدها من مطالب الحياة وحاجاتها. وإن هذه الأشياء هي المادة الحقيقية التي يتركب منها الفكر الخارج عن ميدان العلم. وهي في جوهرها ومظهرها مناظرة للعالم اليقيني. وفي هذا الشطر من الفكر لا يستطيع شخص بذاته أن يقوم بعمل ينتفع به الكثيرون على نفس الطريقة التي تحتذى في العلم. فالأخذ بالبرهان في ذلك الشطر مستحيل، والإجماع على شيء فيه لا يضم تحت لوائه إلا عددا قليلا من الناس. فالأقوال والنظريات لا يمكن أن تؤخذ في هذا الشطر على أنها حقائق ضرورية لا تحتمل الجدل كما هي الحال في العلم، بل إن كل شخص لا بد من أن يجتاز فيها السبيل الذي اجتازه الذين تقدموه، قبل أن يأنس في نفسه القدرة على قبول ما ألقي إليه والانتفاع بثمراته.
إن الصفة الوحيدة التي تلازم هذا الشطر في الفكر أنه فردي ذاتي في حين أن العلم مهما كانت صبغته ومهما كان أصله عام موضوعي؛ أي إنه غير ذاتي. يرجع إلى الموضوع لا إلى الذات التي تفكر في الموضوع وتفحص عنه. فإذا مثلت للفكر بشيء ذي طرفين متناظرين ألفيت أن العلم الرياضي في أحد طرفي الفكر وأن الدين في الطرف الآخر. وإنك لتجد أن الاتفاق في الطرف الأول صفة ملازمة، كالاختلاف والتنابذ في الطرف الثاني. نلحظ أن وحدة الفكر صفة ثابتة في الطرف الأول في حين أنك لن تقع لها على ظل في الطرف الثاني. إنها لم تعرف في الدين ولن تعرف، وإنك إذا أردت أن تعبر عن ذلك بالكلام الدارج استطعت أن تقول إن المعرفة والتحقيق لزام الأول وإن الإيمان والاعتقاد لزام الثاني. على أنك فيما بين الطرفين تقع على فراغ كبير يفصل بينهما. إن هذا الفراغ ينشئ في الفكر صورا تصل بين الطرفين فتبرز حينا في هيكل من المعرفة، وآخر في مثال من الإيمان، فيختلط فيها قليل من الأشياء المحققة بكثير من الإيمان والاعتقاد المبهم. تلك المسافة الكبيرة وهذه المفازة المترامية الأطراف - والتي تتوارد عليها صور التغيير والاختلاف - سريعة متعاقبة هي سكن الفلسفة الحقيقي ومنبتها الأصلي. الفلسفة التي تتناول الحقائق ولا تأنف من الإيمان، الفلسفة أصل المعرفة ومصدر الاعتقاد واليقين، الفلسفة حلقة الوصل الواقعة بين الطرفين: طرف العلم وطرف الدين.
3
بعد هذا التحليل الدقيق تتساءل: هل يمكن للإنسان أن يكون بلا عقل ليكون بلا علم؟ وهل يمكن أن يكون بلا وازع من فوق عقليته ليكون بلا دين؟ وهل يمكن أن يكون بلا تأمل في الناحيتين ليكون بلا فلسفة؟ هذا مستحيل. مستحيل على الإنسان أن يلغي عقله، أو يلغي وازع ما فوق عقليته، أو يلغي تأمله في حقائق الأشياء.
ثم نتساءل ثانية: هل يمكن أن يقوم بين هذه الضرورات العقلية والنفسية صراع وتجالد، بحيث يمكن أن يقوم بجانب هذا الصراع الشديد حياة اجتماعية، لا تجري فيها الدماء، ولا يعبث فيها بأخص الصفات الإنسانية؟ أما دليلنا الملموس على أن الصراع بين الدين والعلم شيء موهوم فبقاء بناء الاجتماع الإنساني بما فيه من مختلف الصور الناتجة عن العقل والشعور، وثباته وبعده عن التناقض والانشعاب. (5) الصراع بين اللاهوت والعلم لا بين الدين والعلم
إذا صح لدينا أن لا نزاع بين الدين والعلم فما هو السبب؟ إذن في تلك الفجائع التي يرويها التاريخ خلال القرون الوسطى، بل وفي الأزمان القديمة. وما هو الباعث على تلك الحروب التي قامت بين العلماء والفلاسفة من ناحية، وبين من نسميهم رؤساء الدين من ناحية أخرى؟
إذا كانت حقائق التحليل النفسي والعقلي تدلنا على أنه لا يمكن أن يقوم صراع بين الدين والعلم؛ لأن هذا مستحيل فطرة وإجماعا. وقفنا أمام وقائع التاريخ - وعلى الأخص تاريخ النشوء العقلي والفكري - نتلمس أسبابا نعزو إليها البواعث التي كونت تلك العناصر التي انطوت عليها صفحات الماضي وكانت سببا في تكوين محاكم التفتيش في القرون الوسطى، لتحرق وتقتل تحت عنوان الهرطقة والخروج على الدين كل من نزع إلى جديد في العلم وكل من كشف عن حقيقة من حقائق الطبيعة.
Halaman tidak diketahui