وأكثر معاني أصحابنا عندي على معنى هذا القول، وأنه إذا كان الصحو بقدر ما لا يرتاب في هذا أمر هذا الهلال ليس يحول بينه وبين الرؤية أمروا في ذلك بالإفطار ولم يكن ثم شبهة، وإن كان شيء يحول بينه وبين الرؤية استحبوا معنى الصوم على الاحتياط حتى تصل الأخبار من غير الموضع، أو من الموضع بمعنى ما ويطمأن إليه أنه لو كان الهلال اتصلت أخباره، ثم لهم أن يفطروا إن أرادوا.
ومن مضى على الصوم على معنى التطوع لم يكن في ذلك على هذا الوجه عندي بأس، وإن صام على أنه إن كان من رمضان أو عما يلزمه منه، وإن لم يكن من رمضان كان تطوعا كان ذلك جائزا عندي على حال معنى الاحتياط كان صحوا أو غير صحو.
/65/ومنه ذكر الصوم يوم الشك على التطوع.
قال أبو بكر: واختلفوا في صوم يوم الشك على أنه تطوع فكرهت فرقة ذلك. كان ابن عباس يأمر بفصل بينهما، وبه قال أبو هريرة.
وقال عكرمة: من صام هذا اليوم يريد يوم الشك فقد عصى الله ورسوله. ورخصت طائفة في صومه تطوعا، حكى مالك هذا القول عن أهل العلم، وبه قال الأوزاعي والليث بن سعد ومحمد بن مسلمة وإسحق وأحمد بن حنبل وأصحاب الرأي.
قال أبو بكر: ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتعجل شهر بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم يوما فيأتي ذلك على صومه.
قال أبو سعيد: ومعي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا نحو ما حكي من الكراهية والترخيص، ولا يخرج ذلك كله عندي على الحجر ما لم يقصد الصائم إلى التزام ذلك.
ومما لا يسعه عندي أن يقصد إلى الصوم يوم الشك على أنه لازم له لغير معنى صحة، وهذا عندي تأويل قول من قال: من صام الشك فقد عصى الله ورسوله.
ويعجبني قوله في الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على معنى ما قد مضى من حسن التأويل لا على حمل الرواية على كل المعاني.
Halaman 80