وإن قلنا هناك: يجوز له أن يستعمل من أي موضع شاء، فهاهنا وجهان، حكاهما الشيخ أبو حامد عن أبي العباس:
أحدهما: يجوز أن يستعمل من أي موضع شاء، حتى لو أصاب بيده عين النجاسة، كما قلنا في الماء الراكد.
والثاني: لا يجوز أن يستعمل إلا من موضع بينه وبين النجاسة قلتان في عرض النهر، قال صاحب " الفروع " وهو الأقيس؛ لأن الماء الراكد ماء واحد، فحكم ما بعد من النجاسة حكم ما قرب منها، فلا يمكنه أن يستعمل من شيء لم تحله النجاسة، فلذلك جاز أن يستعمل من أي موضع شاء منه، والماء الجاري ذو أجزاء، فلا يكون حكم ما قرب منها حكم ما بعد.
[فرع: تغير وصف الماء بالمكث]
إذا تغيرت صفة الماء بالمكث.. لم يكره استعماله.
وقال ابن سيرين: يكره.
دليلنا: أنه تغير من غير شيء خالطه، فلم يكره استعماله، كالبحر.
[فرع: حلول النجاسة في المائع]
وإن وقعت نجاسة في مائع غير الماء، كاللبن والخل والدهن.. حكم بنجاسته سواء كان قليلًا أو كثيرًا وسواء تغير أو لم يتغير؛ لأنه لا قوة له في دفع النجاسة عن غيره، فلا يدفعها عن نفسه بخلاف الماء.
وبالله التوفيق.
1 / 42