Pahlawan Penakluk Ibrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Genre-genre
وقد وفق إبراهيم في الحوادث المفاجئة، كما وفق بكفاءة سليمان بك (الكولونيل سيف) صاحب الدراية العالية في تسيير الجيوش. ا.ه.
لم يضع اتفاق كوتاهيه حدا للمشاكل بين محمد علي والباب العالي، بل كان هذا الاتفاق في وقت واحد هدنة حربية وفاتحة مشاكل جديدة أولها: الحدود، وقد أثارها إرسال إبراهيم باشا جنوده إلى أورفا - الرها - لصد غارات البدو من الصحراء على البلاد العامرة، وثانيها: الإتاوة التي يدفعها محمد علي عن البلاد التي ضم حكمها إلى حكم مصر. وقبل أن نتبسط في وجوه الخلاف نعود إلى الأصل؛ أي إلى الإتاوة التي كان يدفعها محمد علي ذاته عن مصر.
ففي سنة 1806 صدر الفرمان السلطاني بتعيين محمد علي واليا على مصر، إجابة لطلب علماء مصر وأعيانها، وتعهد محمد علي يومئذ بأن يدفع للباب العالي مبلغ أربعة آلاف كيس في السنة - والكيس 500 قرش - أي إنه تعهد بدفع عشرين ألف جنيه. ولكن الولاية كانت تسمى في ذاك الحين ولاية القاهرة، وولاية القاهرة كانت تشمل الوجه البحري ومصر الوسطى فقط؛ لأن صعيد مصر كان مقسما أقساما عديدة، وكل قسم يتولى حكمه مملوك من المماليك. وكانت الإسكندرية والشطر الأكبر من مديرية البحيرة ولاية مستقلة، يعين لها الباب العالي واليها من إستامبول. فلما طرد محمد علي الإنكليز من رشيد والإسكندرية في سنة 1807، رضي الباب العالي أن يضم إلى ولاية القاهرة - أي إلى ولاية محمد علي - ولاية الإسكندرية. ولم يكن دخل ولاية محمد علي سوى 175 ألف جنيه، ولكنه صمم على توحيد حكم البلاد كلها سياسيا وماليا، فتخلص من المماليك في سنة 1811، ونال فرمان ولاية الصعيد، وزاد الإتاوة التي يدفعها للباب العالي عن مصر كلها إلى 12 ألف كيس؛ أي إلى ستين ألف جنيه. وهكذا كون محمد علي مصر، وهكذا جعلها تحت حكم واحد.
ولما رأى الباب العالي نمو ثروة مصر بفضل أعمال محمد علي وإصلاحاته، طلب في سنة 1814 إبان حرب الوهابيين وفي سنة 1824 إبان حرب المورة، زيادة الإتاوة، مع أن مصر تحملت النفقات لتوطيد حكم السلطان في بلاد العرب والبلقان، حتى قالوا إن حملة المورة وحدها كلفت محمد علي عشرين مليون فرنك وثلاثين ألف رجل فوق نفقات الأسطول ورجاله. كذلك قل عن كريد التي أخمد محمد علي ثورتها، ثم تولى منذ 1830 حكمها والإنفاق على حاميتها، وهي من 8 آلاف إلى 9 آلاف مقاتل.
فلما عقد اتفاق كوتاهيه أرسل الباب العالي إلى مصر مندوبه أدهم أفندي ليتفق مع محمد علي. فقبل محمد علي أن يدفع للباب العالي 32 ألف كيس في السنة، ابتداء من مايو 1834، فاستصغر الباب العالي المبلغ وقال إنه لا يتفق مع دخل مصر وسوريا وجزيرة كريد. فأجاب محمد علي أنه متنازل عن جزيرة كريد، فأخذ الباب العالي بهذا القول، ولكن فرنسا وإنكلترا وروسيا أقنعته بألا يتمسك بعرض محمد علي، وبأن يدع كل شيء على حاله.
وكانت مالية محمد علي مرهقة في ذاك الحين لكثرة المال الذي أنفقه على حملة روسيا، فقد أنفق عليها مليونا ونصف المليون جنيه. وكانت ميزانية مصر في سنة 1833 في عجز كبير، فهبطت إلى 825 ألف جنيه. وفي 14 مايو تم الاتفاق بين أدهم أفندي ومحمد علي على أن يقبل محمد علي أن يدفع عن مصر ما تعهد بدفعه، وعلى أن يدفع عن ولايات سوريا وكريد ما كانت تدفعه قبل أن يتولى حكمها، وهو:
2000 كيس عن كريد.
18000 كيس عن سوريا وأدنه.
وأن يكون مجموع الإتاوة التي تدفعها حكومة مصر عن البلاد التي تحكمها 33 ألف كيس أو 160 ألف جنيه. ولكن هذا الاتفاق لم يرض الباب العالي الذي كان يطلب 90 ألف كيس أو 500 ألف جنيه مقابل الإتاوات التي تأخرت إبان الحروب. ولأجل تسوية الحساب على هذه القاعدة أرسل الباب العالي إلى الإسكندرية الدفتردار، فوصل إليها في 30 يوليو، وكان محمد علي غائبا في زيارة كريد.
وقد غادر الإسكندرية في 27 يوليو، فوصل إلى تلك الجزيرة في 3 أغسطس. وبعد المفاوضات الطويلة تم الاتفاق في شهر أكتوبر على أن يدفع محمد علي للباب العالي 32 ألف كيس، وعلى أن يسحب إبراهيم باشا جنوده من أودفا.
Halaman tidak diketahui