Pahlawan Penakluk Ibrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Genre-genre
محمد الأسمر
مجد السيف وفضل القلم: عز الوطن في يمين سيد الوطن
إنما المجد ما بنى والد الصد
ق وأحيا فعاله المولود
لم تبخل مصر يوما أن تطيع حاكمها وحاكم الجد فيها يلقى منها الجد له، تمده وتنصره وتواليه وتواتيه، حتى لو خاض البحار لخاضتها أو رام السماء لبلغتها عن همة وخلوص نية، وجهد واستنفاد جهد، وصدق، وقلب صدق، وعمل صدق.
قال عمر بن الخطاب للحطيئة يوما: كيف كنتم في حربكم؟ قال: كنا ألف فارس حازم. قال: وكيف يكون ذلك؟ قال: كان قيس بن زهير فينا وكان حازما، فكنا لا نعصيه، وكان فارسنا عنترة فكنا نحمل إذا حمل ونحجم إذا أحجم، وكان فينا الربيع بن زياد، وكان ذا رأي وكنا نستشيره ولا نخالفه، وكان فينا عروة بن الورد فكنا نأتم بشعره، فكنا كما وصفت لك. قال عمر: صدقت. ا.ه.
هكذا، ما أقرأ هذا الخبر حتى أتصور مصر إذا بعث الله لها ملكا صالحا وقائدا حكيما وذادة مخلصين. ومصر لها من دون الأمم تاريخها، إنما هو تاريخ ملوك، من عظم منهم عظمت به ومن خف منهم خفت به. وهذه الرقعة من وسط الدنيا القديمة دامت دار مصر، إن عزت حوطت مداها على طول الأفق أو هانت أرز مجدها إليها، حتى ما يكاد يهدأ في حاضرتها وربما طار حينا من تاريخها.
وهذا السر في مصر قد وقف عليه العباقرة الأحرار من ملوكها، فاستعملوه لها ولهم، وبسطوا ملكهم به مؤطر النواحي بمجدهم الباقية آثاره على هذا المدى. وغاب هذا السر عن كل خوان مأفون، فقبر به تارة أو قبر به أبناء الوادي، والتاريخ شاهد مزكي على صدق هذه النظرية في أطواره كلها وأطوار مصر معه. فلما بعث الله محمد علي ملكا على الوادي، كان من صفاء الروح وشحذ الهمة وقوة العبقرية بحيث عرف السر واستخرجه، فانتفع به ونفع أصحابه، فعادت مصر في أيامه إمبراطورية واسعة الأطراف من منابع النيل في الجنوب إلى منابع الفرات في الشمال، وقد ضم بيديه طرفي آسيا وأفريقيا في مضيق عدن، فغدا البحر الأحمر بحيرة مصرية ضفتها من آسيا جزيرة العرب إلى بحر فارس، ومن أفريقيا شطرها الشمالي الشرقي، ملك بناه رأي هذا الماجد وسيف ابنه ذاك العظيم إبراهيم الذي يهز مصر اليوم من تمثاله النحاسي هزة بعثتها فيها منذ مائة سنة إحدى انتصاراته اللاتي لو عدت مع أيام السنة لكفتها، واللاتي يبدأ الحفل بها اليوم، فإذا بدأ كرت على مصر ذكريات متلاحقة، فما إن تفيق من نصر إلا إلى نصر. ويوشك أن تعود مصر سيرتها الأولى وقد جاءها عبقري جديد يجدد لها حياتها جدة العصامي العظامي، والمجد عصامي عظامي، هو إذ يقف اليوم أمام تمثال الفاتح إبراهيم باشا فليست كوقفة الذين يقف التاريخ أمامهم هم، بل وقفة الذين يقف التاريخ له كما وقف من قبله أمام آبائه وأجداده.
إنما المجد ما بنى والد الصد
ق وأحيا فعاله المولود
Halaman tidak diketahui