وبيان هذا: أن كل شيء له ماهية ملتئمة من أجزاء، فانما توجد فى الاعيان اذا كانت أجزاؤها موجودة حاضرة معها وحضور أجزائها هو وجودها أولا وبقاؤها ما دام الشيء باقيا واذا لم توجد فى الأعيان الا على هذا الوجه-وهذا هو تقدم الأجزاء عليه تقدما بالذات لا بالزمان-فكذلك لا توجد فى الاذهان الا على وفق وجودها فى الأعيان، اذ العلم صورة فى الذهن مطابقة للامر الموجود فتكون الأجزاء سابقة فى التصور كما هى فى الوجود.
فاذا أخطرت الماهية بالبال وأخطرت أجزاؤها التى التأمت منها. لم يمكن أن تعقل الماهية الا وتكون أجزاؤها معقولة أولا، مثل الحيوان والناطق اللذين هما داخلان فى ماهية الانسان فلا يمكن أن يعقل الانسان الا وقد عقل أولا الحيوان والناطق.
نعم ربما لم يكونا مفصلين فى الذهن وليس كل ما لا يكون مفصلا لا يكون معلوما، فكثير من المعلومات ليس مفصلا.
وأما اللوازم فلا يسبق تصورها على تصور الشيء بل اذا تم تصور الشيء تصور لزومها تابعة اياه فى الوجود أو الماهية.
فللذاتى أوصاف ثلاثة يشاركه بعض اللوازم فى اثنين منها:
الأول- أن الذاتى اذا أخطر بالبال وأخطر ما الذاتى ذاتى له بالبال علم وجود الذاتى له لا محالة، بحيث يمتنع سلبه عنه وبعض اللوازم أيضا كذلك.
والثانى- أن الذاتى متقدم فى التصور على ما هو ذاتى له وهذا هو الوصف الذي لا يشاركه فيه شيء من اللوازم، وهى الخاصة التى لا يشاركه فيها شيء من اللوازم.
والثالث- أن لا يكون مستفادا للشيء من غيره فليس الانسان حيوانا لعلة جعلته حيوانا بل لذاته هو حيوان، اذ لو كان لعلة لأمكن فرضه انسانا غير حيوان عند فرض عدم العلة وليس هذا مصيرا الى أن الحيوان وجد لذاته من غير علة أوجدته كلا بل المراد ان شيئا ما لم يجعل الانسان حيوانا، نعم الذي
Halaman 68