فضحك شو، واعترف بغلبة الطبيب الباقعة له في ميدانه. •••
وحدثوه عن رسم العرايا فأنكره وقال: لعمري ماذا يتعلمون من هذه التجربة؟ إن الحياة لا تفشي أسرارها بدريهمات في الساعة يدفعونها لهذه المخلوقات التي ليس لها حياة.
وقال ذلك لأنهم يطلقون على حجرة الرسم العاري عنوان «حجرة الحياة».
وحدثوه عن حرق الموتى فاستصوبه؛ لأن مصير القبور جميعا مع الزمن إلى الإهمال والاندثار. •••
وقد تتناول أحاديثه أعماق الفلسفة فلا يحجم عن الإجابة لتوه في معضلة من معضلاتها، قال عن الحقيقة في رأي الفلاسفة: «إنني ألقي من يدي بكل كتاب يفتتحه مؤلفه بالسؤال عن الحقيقة، موقنا أنه لا يعرفها وأنني لن أعرفها ولو أتيت على كتب الفلاسفة بأجمعها. إن الفيلسوف ورجل الواقع المحسوس قد يتفقان على بضعة أمور حقيقية، ويفسرها كل منهما تفسيرا يناقض تفسير صاحبه. ومن عادة الفيلسوف أن يجعل الحقيقة والظاهر ضدين؛ حيث يعتقد رجل الواقع أن الظاهر هو الحقيقة، وأن الأمور التي لا ظاهر لها نصيبها من الصحة والثبوت أقل من نصيب هذه المحسوسات.»
وأبدى له جليسه رأيا في المصاعب وأثرها في الارتفاع بمن يذللونها ويتغلبون عليها، وأنه هو قد تسنم الذروة في عالم الأدب والشهرة لما تمرس به من المصاعب أيام الشباب.
فقال شو: «لغو وهذر. إن أصعب المصاعب التي عانيتها هي الفاقة، فلما «اقترنت» بالغنى تيسر لي أن أستقر وأن أكتب المسرحيات التي لا تصلح للتمثيل كالعودة إلى متوشالح. وإن غاية الفنان لهي بلوغ ما لا يدرك، ولن يتاح لك أن تبلغ ما لا يدرك إلا إذا لم تكن مضطرا إلى شق الطريق بكفيك.»
ثم استطرد فقال: «هناك أناس على الدوام يرتضون أن يتحملوا الأذى في سبيلك، هؤلاء لا ينجحون أبدا ولا يزال «الضحية» منهم عبئا وتبعة وملامة لا تجد من يقبلها، وينتهي الأمر بالضحية أن يتعزى بفشله، بينما يمضي خادم نفسه قدما إلى النجاح.» •••
ومن أواخر أحاديثه أيام الحرب أنه أشار إلى الألمان، فقال: إنهم فقدوا فطنتهم التي امتازوا بها، وظنوا أنهم يخرجوننا بالرعب عن صوابنا، فإذا بهم قد ردونا بالرعب إلى الصواب. •••
هذه الخواطر السريعة مثال لتفكيره كله في كتبه ورواياته وخطبه، وليست مقصورة على أحاديثه في المجالس دون غيرها.
Halaman tidak diketahui