وأين عهد؟ وأين أيمان؟
ألم تر كيف كنت بالأمس تهتم بشأن زوجتك عند الكونتة «سرزول»، وكيف كانت هذه العجوز الماكرة تنبه الناس لذلك إجهازا على فؤادي الجريح بسهم الغيرة. بلى، رأيت ذلك وكانت زوجتك حسناء تعلن دعوى الصبر، وتظهر علائم الطهر حتى جدت في أعين الناظرين، وصارت هي المشار إليها بالبنان في ذلك المحفل، فعاودك ما عهدته بل من حب الذات والعجب والزهو، فملت إليها، وأقبلت عليها تروم إعلان سعدك وإبداء مجدك لكل من يراك. - وهمت يا راحة الروح، فقد كنت يومئذ لا أكاد أنظر إلى «ماري». - لا يفيد البيان بعد العيان، فقد ظهر غدرك الذي تنكره لمئتي نفس في ذلك المحفل، وكانت مدام «سرزول» تلك التي نسيت عهد الصبا بعد بلوغها الخامسة والسبعين تبذل الجهد في تنبيه فكرتي لذلك الغدر. - أضعت رشدك يا قرة العين، فإن مدام «سرزول» قد أمسكت عن التداخل في أمورنا. - مالت إلي الراحة؛ لتهنأ بما جلبت علي من العناء . - «أليس» «أليس» ما هذا الكلام؟!
هل تعلمين وراء الحب منزلة
تدني إليك إذا ما الحب أقصاني - لا لوم علي وإن فاتني الجلد، فإني أصرف الأيام في قتال أعدائي وأعدائك، لا أعبأ بانخفاض شأني وضياع قدري، ولا أبالي بعاقبة أمري، ولا أروم إلا بقاء ودادك وصفاء فؤادك، ثم لا ألقاك إلا خلسا يغفل عنها الرقباء، وأنت مع ذلك تهجرني لامرأة تخالها من الملائكة لمجرد أنها تذرك وما تريد، ولو كانت من أهل الحب لظهرت عليها الغيرة، فإن المحب غيور، قل لي - ناشدتك الله - ما الذي بذلته في حبك؟ وأي دليل أقامت عليه؟ تزوجتها فقيرة وأنت غني، ولها الآن أولاد ملاح تأمل أن تجذبك إليها بمغنيط حبهم، وهي مكرمة طيبة الذكر عند كل الناس، واللؤماء يرقون لها ليسلقوني بعد ذلك بألسنة حداد، وهي مع ذلك تراك في أوقات معلومة، ولا تخاف شيئا ولا تحذر أحدا، فأنا أحق منها بالشفقة وأجدر برحمة الناس. - ما أردت أن أقطع الحديث عليك يا منية القلب؛ لأن اضطرابك شديد لا يؤمل الآن تسكينه، وقد صدقت بما نطقت إلا من جهة خفيت عنك الحقيقة فيها، وهي أن «ماري» مع كل ما تتأسى به مما أوضحت في مقالك ليست أقل عناء وشقاء منك، فإنها تحبني كما تحبينني، وتغار علي كما تغارين أنت علي، وهي مع ذلك متجلدة صابرة يمزق الغم فؤادها، ولا أرى منها غير الابتسام، فهل رأيت من يصبر الصبر ويفي هذا الوفاء في كل حين وعلى كل حالة؟! - إيه ما أحسن هذا القول! جئت أطارحك الحب وأشكو إليك ما بي من الوجد، فكان جوابك الثناء على ضرتي، فلا كان اليوم الذي عرفتك فيه. - مهلا «أليس» لا تسخطي على حبنا أو تحل بك الندامة، فالسخط باب الشقاء، إني أحبك حب الشحيح لماله، وأحن إليك حنين الغريب لآله.
وحرمة عهد بيننا عنه لم أحل
وعقد بأيد بيننا ما له حل
لأنت على غيظ النوى ورضى الهوى
لدي وقلبي ساعة منك ما يخلو
إذا أنعمت نعم علي بنظرة
فلا أسعدت سعدى ولا أجملت جمل
Halaman tidak diketahui