وتمنى غيرهم لو جعلت
في جبين الليث أو قلب الفلك
وصواب القول لا يجهله
حاكم في مسلك الحق سلك
إنما المرأة مرآة بها
كل ما تنظره منك ولك
فهي شيطان إذا أفسدتها
وإذا أصلحتها فهي ملك
أجل، ومن أسوأ الأمور تصريفا بين الناس أمر الزواج؛ فقد كثرت فيه المصائب، وتلونت من جراء اختلاله النوائب، وأكثر ما تكون مرارته في أيامه الأولى على كونها المسماة بأيام العسل؛ لأن الغالب فيها اقتران فتاة سليمة النية، ساذجة النفس، معرضة القلب لأنواع التأثر وضروب الانفعال برجل علم ورأى، وامتحن الأشياء حتى لم يبق في نفسه شعة من النور، فصار قاسيا فظا محبا لذاته ولن يبرح كذلك ما دام حيا، أو برجل لا يزال في نفسه بقية من الصبابة، يثيرها ما يجد في عرسه من عواطف الشباب الطاهرة النقية، فيكشف لها سر الحب، وقوة الوجد، ولذاذات الهوى، حتى إذا مالت بكليتها إليه، وعولت في مستقبل سعادتها عليه، وانخدعت بما عرفت من لذة الحياة، واغترت بما علمت من سر المحبة، أغلق من دونها باب هذا الفردوس، وأهبطها منه قائلا: لقد رأيت أحلاما، وصار هذا المقام عليك حراما، نعم، إنك لم تتجاوزي العشرين سنا، ولم يزل شبابك غضا، ولكن قلبي قد جف، بل مات، ولست بقادر على رد ما فات، فاصبري على اليأس الموجود، أو اندبي الرجاء المفقود، وحذار أن تلتمسي منه بدلا عند غيري من الناس؛ فإنك لن تفوزي بحلم ساعة من هذا البدل أو تفقدي فيه الراحة والسعادة وبقية الأمل، وتكوني هدفا لسهام الاحتقار مني ومن نفسك ومن سائر الأنام، ويكون ما تذرفين من الدمع غشاوة على ما ترين من الابتسام، ثم تزادي على ما فيك من الندم قلقا واضطرابا، وعلى ما أسومك من الهجر بأسا واكتئابا . نعم، هذا مصير النساء في كثير من أحوال هذا الزمان، وهن مع ذلك متهمات مذمومات بكل لسان. آه لو علم المنصفون بما يعانين من العناء، ولو رأى العادلون ما يقاسين من البأساء، ولو درى أهل الحق بما يقاومن من عاديات البلاء، لبذلوا لهن الرحمة والشفقة بدل الملام والتعنيف، وقالوا فيهن قول الإنجيل الشريف: «من كان منكم بلا وزر فليرجم الخاطئ بالحجر الأول.» وهيهات أن يوجد في الناس من يتجرأ على ذلك ولا يكون من الكاذبين.
تمهيد
Halaman tidak diketahui