58

Bariqa Mahmudiyya

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

Penerbit

مطبعة الحلبي

Nombor Edisi

بدون طبعة

Tahun Penerbitan

١٣٤٨هـ

Genre-genre

Sastera
Tasawuf
فَهْمُ الْقَرِينَةِ مِنْ سَبَبِ النُّزُولِ يَرُدُّهُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِعُمُومِ الصِّيغَةِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ وَلَوْ سَلِمَ الْعَهْدُ فِيمَا ادَّعَاهُ لَا شَكَّ فِي قِيَامِ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ لِأَجْلِهِ خَبِيثًا وَهَذَا الْمَعْنَى يُمْكِنُ وُجُودُهُ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ فَلَا يَخْلُو عَنْ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ دَلَالَةِ النَّصِّ أَوْ الْقِيَاسِ وَدَعْوَى انْقِرَاضِ الِاجْتِهَادِ أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ﴿وَيَضَعُ﴾ [الأعراف: ١٥٧] أَيْ يُزِيلُ ﴿عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ﴾ [الأعراف: ١٥٧] ثِقَلَهُمْ وَالْمُرَادُ الْعَهْدُ الَّذِي أُخِذَ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِمَا فِي التَّوْرَاةِ مِنْ الْأَحْكَامِ وَكَانَتْ تِلْكَ شَدِيدَةً. نُقِلَ عَنْ الْخَازِنِ وَعَنْ ابْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ شِدَّةُ الْعِبَادَةِ ﴿وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [الأعراف: ١٥٧] مِنْ الْأَفَاعِيلِ الشَّاقَّةِ عَلَيْهِمْ مِنْ الشَّرَائِعِ كَتَعْيِينِ الْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَحُرْمَةِ الدِّيَةِ وَقَطْعِ الْأَعْضَاءِ الْخَاطِئَةِ وَقَرْضِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ وَقَتْلِ النَّفْسِ فِي التَّوْبَةِ وَقَرْضِ الثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ بِالْمِقْرَاضِ وَتَرْكِ الْعَمَلِ فِي السَّبْتِ وَعَدَمِ جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْكَنَائِسِ وَتَتَبُّعِ الْعُرُوقِ مِنْ اللَّحْمِ وَإِحْرَاقِ الْغَنَائِمِ وَفَرْضِ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَصَرْفِ رُبْعِ الْمَالِ لِلزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا تَشْبِيهٌ بِالْغَلِّ فِي مَنْعِ الْفِعْلِ أَوْ بِالْأَغْلَالِ الَّتِي تَجْمَعُ الْيَدَ إلَى الْعُنُقِ وَكَانَتْ هَذِهِ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى - عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهِيَ مَنْسُوخَةٌ فِي شَرِيعَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ ﵊ «بُعِثْت بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّهْلَةِ السَّمْحَاءِ» . ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ﴾ [الأعراف: ١٥٧] أَيْ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ﴿وَعَزَّرُوهُ﴾ [الأعراف: ١٥٧] وَقَّرُوهُ وَعَظَّمُوهُ وَأَصْلُ التَّعْزِيرِ الْمَنْعُ لِمَنْعِهِ عَنْ إعَادَةِ مِثْلِهِ وَهُنَا مَنْعُ الْأَعْدَاءِ بِالنُّصْرَةِ وَالتَّعْظِيمِ ﴿وَنَصَرُوهُ﴾ [الأعراف: ١٥٧] بِالرِّمَاحِ وَالسِّهَامِ وَبِالْأَمْوَالِ أَيْضًا ﴿وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ﴾ [الأعراف: ١٥٧] أَيْ الْقُرْآنَ لِاسْتِنَارَةِ قَلْبِ الْمُؤْمِنِ بِهِ بِالْإِيمَانِ وَالْعُلُومِ وَالْعِرْفَانِ أَوْ لِظُهُورِ النُّبُوَّةِ بِهِ أَوْ لِظُهُورِ الْأَحْكَامِ مِنْهُ وَيَجُوزُ تَعَلَّقَ مَعَهُ بِاتَّبَعُوا وَالضَّمِيرُ لِلنَّبِيِّ ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٧] الْفَائِزُونَ بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ وَفِي الْأَعْرَافِ أَيْضًا مُتَّصِلًا بِاَلَّتِي قَبْلَهَا ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨] لَا إلَى بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ كَالْأَنْبِيَاءِ السَّالِفَةِ تَصْرِيحٌ فِي كَوْنِهِ مَبْعُوثًا إلَى كَافَّةِ الْخَلْقِ وَالْخِطَابُ عَلَى هَذَا النَّهْجِ ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الأعراف: ١٥٨] . قَوْلُهُ الَّذِي خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ صِفَةٌ لِلْجَلَالَةِ قِيلَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى دَعْوَى الرِّسَالَةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْخَفَاءِ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا عَلَى الْأُلُوهِيَّةِ الْمُفَادَةِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمْ قَدْ يُمْكِنُ فَهْمُ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ التَّفْرِيعِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الأعراف: ١٥٨] تَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّهُ إذَا اخْتَصَّ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَعْنِي جَمِيعَ الْمُمْكَنَاتِ وَالتَّخْصِيصُ عَلَى حَسَبِ عِلْمِ الْمُخَاطَبِ اُخْتُصَّ لَهُ أُلُوهِيَّتُهُمَا حَسْبَمَا يُشِيرُ قَوْله تَعَالَى ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: ٢٢] فَلِذَا عَقَّبَ بِقَوْلِهِ ﴿لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [الأعراف: ١٥٨] . قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فَإِنَّ مَنْ مَلَكَ الْعَالَمَ كَانَ هُوَ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَا غَيْرُهُ وَفِي قَوْلِهِ ﴿يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [الأعراف: ١٥٨] مَزِيدُ تَقْدِيرٍ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْأُلُوهِيَّةِ وَنُقِلَ عَنْ الْخَازِنِ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إرْسَالِ الرُّسُلِ إلَى خَلْقِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ كَوْنُهُ رَسُولًا بِالْفِعْلِ وَاللَّازِمُ مِمَّا ذُكِرَ كَوْنُهُ رَسُولًا بِالْقُوَّةِ لَا أَنْ يُقَالَ الْمَطْلُوبُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ إثْبَاتُ الْإِمْكَانِ فَقَطْ وَأَمَّا الْوُقُوعُ فَثَابِتٌ بِالْمُعْجِزَةِ وَعَلَيْهِ يَدُورُ تَفْرِيعُ. قَوْلِهِ ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الأعراف: ١٥٨] التَّفْرِيعُ بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّسُولِ فَمُحْتَاجٌ إلَى التَّأْوِيلِ السَّابِقِ

1 / 58