159

Bariqa Mahmudiyya

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

Penerbit

مطبعة الحلبي

Nombor Edisi

بدون طبعة

Tahun Penerbitan

١٣٤٨هـ

Genre-genre

Sastera
Tasawuf
وَالْكُلُّ فِي الْحَقِيقَةِ كَالتَّفْصِيلِ لِلتَّوْحِيدِ (وَلَا يَتَمَكَّنُ بِمَكَانِ) لِأَنَّ التَّمَكُّنَ عِبَارَةٌ عَنْ نُفُوذِ بُعْدٍ فِي بُعْدٍ آخَرَ مُتَوَهَّمٍ أَوْ مُتَحَقَّقٍ يُسَمُّونَهُ الْمَكَانَ وَالْبُعْدُ عِبَارَةٌ عَنْ امْتِدَادٍ قَائِمٍ بِالْجِسْمِ أَوْ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِوُجُودِ الْخَلَاءِ وَاَللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ الْمِقْدَارِ وَالِامْتِدَادِ لِاسْتِلْزَامِهِ التَّجَزِّي وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَكَان لَزِمَ قِدَمُ الْمَكَانِ وَأَيْضًا يَلْزَمُ افْتِقَارُهُ إلَيْهِ وَكُلُّ مُفْتَقِرٍ مُمْكِنٌ فَيَلْزَمُ كَوْنُ الْوَاجِبِ مُمْكِنًا وَأَيْضًا يَلْزَمُ كَوْنُهُ جَوْهَرًا وَقَدْ أَبْطَلْنَاهُ وَأُورِدَ عَلَيْهِ بِأَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ مُتَحَيِّزٌ بِبَدَاهَةِ الْعَقْلِ وَدُفِعَ بِأَنَّهُ بَدَاهَةُ الْوَهْمِ لَا بَدَاهَةُ الْعَقْلِ لِأَنَّ الْوَهْمَ فِي غَيْرِ الْمَحْسُوسَاتِ لَيْسَ بِمَقْبُولٍ وَأَمَّا النُّصُوصُ الظَّوَاهِرُ فِي التَّجَسُّمِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْمَكَانِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾ [الفجر: ٢٢] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: ١٠] . قَالَ صَاحِبُ الْمَوَاقِفِ إنَّهَا ظَوَاهِرُ ظَنِّيَّةٌ لَا تُعَارِضُ الْيَقِينِيَّاتِ الدَّالَّةِ عَلَى نَفْيِ الْمَكَانِ فَلَزِمَ أَنَّهَا مُتَشَابِهَاتٌ فَنُفَوِّضُ عِلْمَهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا هُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ أَوْ نُؤَوِّلُهَا بِنَحْوِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْعَرْشِ ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾ [الفجر: ٢٢] أَيْ أَمْرُ رَبِّك وَإِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ أَيْ يَرْتَضِيهِ (وَلَا يُجْرَى عَلَيْهِ زَمَانٌ) لِأَنَّ الزَّمَانَ مُتَجَدِّدٌ يُقَدَّرُ بِهِ مُتَجَدِّدٌ آخَرُ كَمَا هُوَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ أَوْ مِقْدَارُ الْحَرَكَةِ وَاَللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْهُمَا لِأَنَّ التَّجَدُّدَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْقَدِيمِ وَكَذَا الْمِقْدَارُ (وَلَيْسَ لَهُ جِهَةٌ مِنْ الْجِهَاتِ السِّتِّ وَلَا هُوَ فِي جِهَةٍ مِنْهَا) وَهِيَ فَوْقُ تَحْتُ وَيَمِينُ وَيَسَارُ وَقُدَّامُ وَخَلْفُ وَالْجِهَةُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ نَفْسُ الْمَكَانِ بِإِضَافَةِ جِسْمٍ آخَرَ إلَيْهِ فَإِذَا انْتَفَتْ الْجِسْمِيَّةُ وَالْمَكَانِيَّةُ تَنْتَفِي الْجِهَةُ لِأَنَّهَا مِنْ خَوَاصِّ الْأَجْسَامِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ فِي جِهَةٍ أَوْ زَمَانٍ لَزِمَ قِدَمُ الْمَكَانِ أَوْ الزَّمَانِ وَلِأَنَّهُ أَمَارَةُ الْإِمْكَانِ لِلِافْتِقَارِ إلَيْهِ فَإِنْ قِيلَ: عَلَى مَا ذَكَرْت أَنَّ الْجِهَةَ رَاجِعَةٌ إلَى الْمَكَانِ فَمَا وَجْهُ ذِكْرِهِ بَعْدَهُ قُلْت: الْوَجْهُ زِيَادَةُ التَّوْضِيحِ فِي بَابِ التَّنْزِيهِ وَتَصْرِيحُ الرَّدِّ وَتَأْكِيدُهُ لِلْمُخَالِفِ كَمَا ذَكَرَهُ التَّفْتَازَانِيُّ

1 / 159