Balaghat Gharb
بلاغة الغرب: أحسن المحاسن وغرر الدرر من قريض الغرب ونثره
Genre-genre
وقد حلى طروس «مجلة باريس» ببدائع رواياته مثل: «أدعية لا تجدي»، و«أوكتاف»، و«فكر رفاييل السرية»، ثم ظهرت رواياته التمثيلية: «ليلة في فينزيا»، و«منظر في كرسي» سنة 1832، و«الكأس والشفتان»، و«فيم تحلم الفتيات؟» رواية لطيفة، و«شجرة الصفاف» مرثية، و«نامونا» قصيدة طلية بلهجة تهكم رقيقة.
وعلاوة على اقتداره النادر في بث تأوهاته التي تكاد تسمعها من بين سطوره، فإنه كان يجاري بعض الشعراء في مذاهبهم، لا سيما «بيرون» الشاعر الإنكليزي المشهور، ونخص بالذكر «رولا» سنة 1833؛ فإنها من أسلوب الشاعر السابق، ولها رنة مؤثرة فخم فيها الهيام.
ثم أصابته نوبات وقلاقل حولت ذكاءه من طور إلى طور أرقى منه سببه له الحب؛ إذ أحب «جورج صاند» الروائية الشهيرة وأحبته، وسافر معها في شتاء سنة 1833 إلى إيطاليا متنقلا بين جنوه وفلورنسا وبولونيا وفيرار، ثم ألقى عصا الترحال في فينزيا، وهناك شجر بينهما خلاف شديد أفضى إلى الانفصال بسبب انقلابها وخيانتها عهده؛ فرجع إلى باريس وحده في أبريل سنة 1834، وقد أنهكته الشجون وتيمه الهوى المبرح وسحقته هذه التجارب، ولكن كان لها الفضل لكونها صيرته شاعرا مجيدا من أوائل الشعراء، كما أشار بذلك في عرض كلامه في قصيدة «ليلة من تشرين الأول» حيث قال:
وقصارى الكلام أن بليتك هي التي أنارت قلبك، فالفادحات والأوصاب بمثابة المعلم، والإنسان كالطفل المتعلم وبقدر الرزايا تكون المعارف؛ وإنها لشرعة قاسية ولكنها حكمة بالغة قديمة كالدنيا ونكدها.
ومن سنة 1835 إلى 1840 ظهرت معجزات قريضه ونثره وصوت آلامه في الحب والشك والسلوان، وهي «لياليه الأربعة» التي سارت بذكرها الركبان: «ليلة من أيار» و«ليلة من كانون الأول» و«ليلة من آب» و«ليلة من تشرين الأول».
ففي الأولى يبكي «موسيه» من خيانة حبيبته، ويعرض عن الطيف الذي يدعوه إلى الغناء، وفي الثانية يبحث في العزلة عن شفاء آلامه وأوصابه، وفي الثالثة يعاود قسمه بأن لا يفتح قلبه للحب، وفي الرابعة يزعم أنه طاب ويود أن يقص أخبار آلامه التي يدعي أنه برئ منها، ولكنه عندما سردها كادت تجهز عليه وطأة الانفعال، فأخذ الطيف عليه موثقا بالغفران والنسيان.
وهذه الليالي مع «رسالته إلى لا مارتين» و«تذكار» هي التي رفعته إلى مصاف فحول الشعراء الذين يشار إليهم بالبنان، ولم يلهم شاعر غيره أن يوفق للإتيان بمثلها ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.
يأخذ العجب القارئ لم خص هذا الشاعر وحده بهذه الهبة الجليلة؟! هذا لأنه أحرقه الجوى، وبرى أعظمه الهوى، وأذاب ما على فؤاده من الحجب؛ فاستنار بنور الحب عقله وجنانه، فكان يعبر عن وجدانه وشعوره كما يصف الناظر المرئيات، وغيره لم يجمع بين الوجد المبرح والبلاغة الساحرة ؛ فتراه مهما كان مقتدرا على القريض، وحاول أن يصف الهوى، فإنه لا يصفه إلا وصفا خياليا سمجا تمجه الأذواق وتزدريه الأذهان.
وبعد «الليالي» ظهرت قصيدته «الأمل في الله» ورواية قصصية كبيرة كتبها نثرا وسماها «اعتراف طفل من أبناء الجيل» سنة 1836، سرد فيها الشاعر - وقد قارب الشفاء - ما انتابه من مضض الآلام، ثم «نعمة طيبة» وهي بديعة النظم شائقة المعاني.
وكتب عددا عظيما من الروايات التمثيلية كان لها نصيب وافر من الرقة والبلاغة تماثل في أسلوبها روح شكسبير، منها: «فانتازيو»، و«أهواء ماريان» سنة 1833، و«لورينزاشو»، و«لا يمزح بالحب» سنة 1834، و«باربيرين» سنة 1835 وغيرها.
Halaman tidak diketahui