Balaghat Gharb
بلاغة الغرب: أحسن المحاسن وغرر الدرر من قريض الغرب ونثره
Genre-genre
فيدر :
أتاني مصابي من أبعد من ذلك؛ فإني ما كادت تجمعني وابن إيجيه
20
روابط الزواج واستتبت راحتي وسعادتي؛ إلا وأظهرت لي «أتينه» عدوي الألد، شاهدته فاحمر وجهي خجلا، ثم صار شاحبا بمرآه.
ثار بنفسي الحائرة ثائر الاضطراب، وأصبحت العين لا تبصر ولا أستطيع التكلم، وكنت أشعر أن جسمي يتثلج تارة ويحترق طورا، وقد عرفت الحب ونيرانه المخوفة وما يطاردني به من العذاب الأليم الذي لا يؤمن شره، وظللت أوالي الدعوات لأحيد عما يؤلمني ويؤذيني.
بنيت للهوى معبدا واعتنيت بتزيينه، وكنت محاطة بالضحايا في كل آونة باحثة بين جوانبهم عن صوابي الضال، ولكن الدواء لا ينجع فيما أزمن واستعصى من الأدواء، وكنت أحرق البخور على المذبح بلا طائل ولا جدوى، وعندما يتوسل فمي إلى الزهرة كنت أكاد أعبد إيبوليت، وأراه بلا انقطاع بجانب المذبح الذي كنت أبخره.
كنت أقدم جميع ما لدي لهذا المعبود من دون الله، ومن لا أستطيع أن أسميه فكنت أتجنبه في كل مكان؛ فيا لمنتهى الشقاء إذ كنت أرى ملامح أبيه مرتسمة في وجهه فأضطرب وأثور.
كنت أبذل الجهد في اضطهاده لأبعد عني عدوا أصبحت أهيم به وأعبده وأتصنع الحزن والهم كعادة نساء الآباء الظالمات مجتهدة في نفيه وإبعاده، والفضل في انتزاعه من أحضان أبيه راجع إلى صياحي المستمر.
وقد استنشقت الحياة منذ غيابه، وقضيت أيامي في الدعة والسكون، خاضعة لبعلي كاتمة عنه قلقي، واستثمرت هذا الثمر من زواجه المشئوم، ولكن لا يغني حذر من قدر!
وحينما ذهبت مع زوجي إلى «تريزين» بصرت هناك بعدوي الذي كنت أفر منه، وانفجر جرحي الذي لم يندمل، وليس الحب مختفيا في عروقي، بل الحب أجمعه الذي اقتنصني غنيمة له ولم أفلت من مخالبه، وقد سبب لي جرمي فزعا عظيما؛ حتى أبغضت الحياة وكرهت الحب، ووددت لو أقضي نحبي لأحفظ مجدي، وأداري غرامي المشئوم عن العيون؛ ولم أستطع أن أوقف دموعك وأدفع مقاومتك ، وقد بحت لك بكل شيء ولا داعي إذن للتوبة حيث أقترب الأجل؛ فلا تؤلميني بعتبك الظالم، وأن تكفي من إسعادك وغياثك الذي يذكرني بالبقية القليلة من حياتي التي أوشكت أن تنقضي.
Halaman tidak diketahui