Laut Mediterranean: Takdir Laut
البحر المتوسط: مصاير بحر
Genre-genre
وكان أمر استقرارهم لاستغلال المواد الأولية أو لصنع السلع نتيجة سابق إعداد أو متروكا للمصادفة. وهم بعد نزولهم إلى مالطة وصقلية نيلا لمحاصيل محلية استقروا بهما فعنوا بزراعة الزيتون والكرمة والحنطة، وربطوا القواعد الجديدة بغيرها، ووصلوا إلى جزيرة إلبة في الشمال. والواقع أنهم كانوا أول من بلغ المحيط الأطلنطي، وأسسوا قادس (الحصن) وراء جبل طارق لما كان يوجد فيها من الذهب والفضة والقصدير ومحار الأرجوان، ويلوح أنهم انتهوا إلى جزائر القصدير، إلى إنكلترة، وفي ساحل مراكش كانوا يستبدلون بالتن المملح ريش النعام وما يجلب إليهم من جلد داخل البلاد، وكان يقع جميع ذلك حينما كانت إيطالية في فجرها وحينما كاد الأغارقة يفيقون من رقادهم.
12
وأول يقظة تمت للعالم الإغريقي كانت في أقريطش، وكانت هذه الجزيرة زاهرة في دور الفنيقيين الأولين، ويظهر أن قليلا من المغامرين حاولوا السفر حتى سورية التي يوصل إليها اليوم جوا بأقل من أربع ساعات. وهذا أمر محير، وهذا لأن كثرة الخشب في أقريطش أدت إلى إنشاء سفن متينة باكرا؛ وهذا لأن ما كان عليه أهل البلد من أخلاق جزرية لم يعتم أن أوجب نشوء فن الدفاع عندهم. وما حدث من أعمال حفر في هذه البقعة أبان حضارة البحر المتوسط الأولى، وأظهر بأحسن من قبل أحوال الحياة في ذلك الدور الذي ظل تاريخه محاطا بالغموض. وليس من المحقق استقرار الأقريطشيين بهذه الجزيرة قبل الأغارقة الحقيقيين، ومن هؤلاء الأغارقة كانت تتألف قبائل بدوية جاءت من الشمال الشرقي فاستقرت ببلاد اليونان قبل الميلاد بألفي سنة؛ أي في أثناء الغزو المعروف باسم الغزو الهندي الجرماني.
وإذا كان من الصحيح ازدهار أقريطش قبل زمن أوميرس، فإن قصور غنوس
93
ومعابدها مع بلاليعها وحماماتها جديرة بالإعجاب كالآنية المزخرفة والخناجر البرونزية ولا سيما الأقداح الذهبية.
ومع ذلك لا تعدل آثار الأقريطشيين جمالا ما ابتدعه المصريون قبلهم من مبتكرات الفن أو ما صدر بعيدهم عن الأغارقة من الصناعات التصويرية والشعر. وترانا نميل إلى خلط قدم الحضارة بجمال منتجاتها الحقيقي كما نعجب بالصبي عند نبوغه قبل الأوان. أجل، إن المبدأ والجمال يتغيران، وإن الأناشيد التي يتغنى بها تمجيدا للفن الكلاسي
94
حفزت الشاب المعاصر إلى إنكار حقيقتها عن سأم، ولكن لنعترف بأن ما بقي من الفن الأقريطشي من وجوه بشرية، ولا سيما وجوه النساء في مسارح الضحايا المشهورة، هو من الشناعة ما يثير النفور والهزوء، والمطاويع الذين يضعون دمى زنوج الكونغو في مرتبة آثار متفنن كتيسيان ورينوار هم الذين يمكنهم أن يعجبوا أمام مطل الأبدان وطول الذرعان وأمام المقاتلين الذين يزينون أواني الخزف وأمام الفتيان من رصاص وأمام أوثان النساء في غنوس.
وإذا ما قيست أقريطش بميسين التي عانت نفوذها بهت الإنسان كما لو كانت إلهة الجمال قد تشبثت باليونان الصغرى. ويبدو البلوبونيز الواقع في جنوب ميسين قريبا من أقريطش فيستطيع المدفع البعيد المرمى أن يصيب الشاطئ الآخر بقنابله. ويرتفع هنالك حصن ذو قباب ابتدائية حجرية غير مصقولة تقريبا عاطلة من النوافذ، ويسمي أوميرس ذلك الحصن ب «مملوء الفيء»، ويختلف هذا الحصن عن قصر أقريطش الملكي الزاخر بالهواء والنور. ولننعم النظر في الأسدين مع ذلك، أو ليرن في آذاننا نشيد من الإلياذة تمخضت عنه أرض يونانية لا ريب، لنكون شهودا على بعث الفن الإغريقي.
Halaman tidak diketahui