Bahr Madid
البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
Penyiasat
أحمد عبد الله القرشي رسلان
Penerbit
الدكتور حسن عباس زكي
Nombor Edisi
١٤١٩ هـ
Lokasi Penerbit
القاهرة
Genre-genre
Tafsiran
الإيمان وما فعلوا مع أنبيائهم، وتارة يذكرهم النِعَم التي أنعم الله على أسلافهم، فقال تعالى:
[سورة البقرة (٢): الآيات ٤٠ الى ٤٣]
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠) وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١) وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)
قلت: (إسرائيل): هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل- عليهم الصلاة والسلام- وهو اسم عجمي، وبنو تميم تقول: «إسرائين» بالنون، (وإسرا) بالعبرانية: عبد، و(إيل): اسم الله تعالى، فمعناه: عبد الله، وبنو إسرائيل:
هم أولاد يعقوب ﵇، و(بعهدي) من إضافة المصدر إلى فاعله، وبِعَهْدِكُمْ إلى مفعوله، و(إياي) منصوب بفعل مضمر، يُقدر مؤخرًا. أي: أياي ارهبوا فارهبون. وحذف مفعول (ارهبون) لرءوس الآي، وكذا قوله: (وإياي فاتقون)، والرهبة: خوف مع تحرُّز، و(تكتموا): معطوف على (تلبسوا)، أو منصوب بأن مضمرة بعد النهي، و(أنتم تعلمون): جملة حالية.
يقول الحق ﷻ: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ التي خصصتُكم بها، بأن فضلتكم على أهل زمانكم، وجعلت فيكم أنبياء ورسلًا، كلما انقرض نبيّ بعثت نبيًّا آخر، وجعلتكم ملوكًا وحكامًا على الناس، قبل أن تفسدوا في الأرض بقتل الأنبياء، فتكفروا بهذه النعم، فإن الإنسان حسود غيور بالطبع، فإذا نظر إلى ما أنعم الله على غيره حمله الحسد والغيرة على السخط والكفران، وإذا نظر إلى ما أنعم الله به عليه حمله حب النعمة على الرضا والشكر. فاذكروا ما أنعمتُ به عليكم، وقيدوه بالشكر، وَأَوْفُوا بِعَهْدِي الذي عهدت إليكم، وهو أنكم إن أدركتم محمدا ﷺ لتؤمنن به ولتنصرنه، ولتبينن صفته التي في كتابكم، ولا تكتمونها، أُوفِ بِعَهْدِكُمْ بأن أدخلكم جنتي، وأبيح لكم النظر إلى وجهي، وأحل عليكم رضواني في جملة عبادي، ولا ترهبوا أحدًا غيري، فإنه لا فاعل غيري.
وبادروا إلى الإيمان بِما أَنْزَلْتُ على محمد رسولي، من كتابي، الذي هو مصدق لِما مَعَكُمْ من التوراة، ومهيمن عليه، وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ فريق كافِرٍ بِهِ، فتبوءوا بإثمكم وإثم من تبعكم، ولا تستبدلوا الإيمان الذي هو سبب الفوز في الدارين، بالعرضِ الفاني الذي تأخذونه من سفلتكم، فإنه ثمن قليل يعقبه عذاب جليل وخزي كبير. ولا تخشوا أحدًا سواي فإن النفع والضرر بيدي، ولا تخلطوا الْحَقَّ الذي هو ذكر
1 / 99