Lautan Ilmu
بحر العلوم
الحلال والحرام. ويقال: الفرقان هو النصرة بدليل قوله تعالى: يَوْمَ الْفُرْقانِ [الأنفال: ٤١] أي يوم النصرة. ويقال: الفرقان هو المخرج من الشبهات. ويقال: هو انفلاق البحر بدليل قوله: وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ [البقرة: ٥٠] . وقال الفراء: في الآية مضمر، ومعناه: وآتينا موسى الكتاب يعني التوراة، وأعطينا محمدًا الفرقان، فكأنه خاطبهم فقال: قد أعطيناكم علم موسى وعلم محمد ﷺ وعلم سائر الأنبياء. قوله: لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ، أي لكي تهتدوا من الضلالة.
[سورة البقرة (٢): آية ٥٤]
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤)
قوله تعالى: وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ، وأصله يا قومي بالياء ولكن حذف الياء وترك الكسر بدلًا عن الياء، وتكون في الإضافة إلى نفسه معنى الشفقة. يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ، يعني أضررتم بأنفسكم بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ، يعني إلى خالقكم يقول: فارجعوا عن عبادة العجل إلى عبادة خالقكم، وتوبوا إليه فقالوا له: وكيف التوبة؟ قال لهم موسى: فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، يعني يقتل بعضكم بعضًا، يقتل من لم يعبد العجل الذين عبدوا العجل وإنما ذكر قتل الأنفس وأراد به الإخوان. وهذا كما قال في آية أخرى وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ [الحجرات: ١١] أي لا تعيبوا إخوانكم من المسلمين، يعني لا تغتابوا إخوانكم.
ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ، يعني التوبة خير لكم عند خالقكم، ومعناه قتل إخوانكم مع رضا الله خير لكم عند الله تعالى مَّنْ ترككم إلى عذاب الله.
قوله تعالى: فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، أي المتجاوز عن الذنوب الرحيم، حيث جعل القتل كفارة لذنوبكم. وروي في الخبر أن الذين عبدوا العجل جلسوا على أبواب دورهم، وأتاهم هارون والذين لم يعبدوا العجل شاهرين سيوفهم، فكان موسى- ﵇ يتقدم ويقول: إن هؤلاء إخوانكم قد أتوا شاهرين سيوفهم، فاتقوا الله واصبروا له، فلعن الله رجلًا قام من مجلسه أو حلّ حبوته، أو مدّ بطرفه إليهم أو اتقاهم بيد أو برجل.
فيقولون: آمين، وذكر في رواية أبي صالح: أن هارون كان يتقدم ويقول ذلك، فجعلوا يقتلونهم إلى المساء فكانت القتلى سبعين ألفًا، فكان موسى- ﵇ يدعو ربه لما شق من كثرة الدماء، حتى نزلت التوبة. فقيل لموسى: ارفع السيف عنهم، فإني قبلت توبتهم جميعًا، من قتل ومن لم يقتل.
[سورة البقرة (٢): الآيات ٥٥ الى ٥٦]
وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦)
1 / 53