Lautan Ilmu
بحر العلوم
رسول الله ﷺ فيقتل الرجل، فنزلت هذه الآية فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وليس عليه دية. ثم قال: وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ يعني إن كان المقتول من أهل الذمة فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ أي فعليه دية مسلمة إِلى أَهْلِهِ وَعليه أيضًا تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وروي عن عبد الله بن عباس ﵄ أن مستأمنين دخلا على رسول الله ﷺ، فكساهما وحملهما، فلما خرجا من عنده لقيهما عمرو بن أمية الضمري فقتلهما، ولم يعلم أنهما مستأمنان، ففداهما رسول الله ﷺ بدية حرّين مسلمين، فنزلت هذه الآية وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ولهذا قال علماؤنا ﵏: إن دية الذمي والمسلم سواء. وهكذا روي عن أبي بكر، وعمر، وعثمان- ﵃ إن دية الذمي والمسلم سواء، مائة من الإبل. ثم قال: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ أي قاتل الخطأ، إذا لم يجد رقبة مؤمنة فَصِيامُ شَهْرَيْنِ أي فعليه صيام شهرين مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ أي تلك الكفارة توبة للقاتل من الله تعالى، ويقال سبب التجاوز من الله. ثم قال: وَكانَ اللَّهُ عَلِيمًا يعني عليمًا بالقاتل حَكِيمًا حكم بالكفارة على من قتل خطأ
[سورة النساء (٤): آية ٩٣]
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِدًا فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذابًا عَظِيمًا (٩٣)
قوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ روي عن سالم بن أبي الجعد قال: كنت عند عبد الله بن عباس بعد ما كفّ بصره، فجاءه رجل فناداه: ما تقول فيمن قتل مؤمنًا متعمدًا؟ فقال: جزاؤه جهنم خالدًا فيها. وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذابًا عَظِيمًا فقال: أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى؟ قال: وأنى له الهدى، سمعت نبيكم ﷺ يقول: «يَأَتِي قَاتِلُ المُؤْمِنِ مُتَعَمِّدًا وَيَتَعَلَّقُ بِهِ المَقْتُولُ عِنْدَ عَرْشِ الرحمن، فَيَقُولُ يَا رَبِّ سَلْ هذا فيم قتلني؟» فو الذي نفسي بيده في هذا أنزلت هذه الآية، فما نسختها آية بعد نبيكم، وما نزل بعده من برهان. وروي عن ابن عمر وأبي هريرة أنهما قالا: لا توبة له. وقال غيرهم: له التوبة لأن الله تعالى ذكر الشرك والقتل والزنى ثم قال: إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ- إلى قوله- فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ [الفرقان: ٧٠] ويقال: معناه فجزاؤه جهنم خالدًا فيها، أي داخلًا فيها لأنه لم يذكر فيها الأبد، كما أن الرجل يقول: خلدت فلانًا في السجن أي أدخلته.
ويقال فجزاؤه جهنم أي إن جازاه. وروى أنس بن مالك عن رسول الله ﷺ أنه قال: «إِذَا وَعَدَ الله لِعَبْدِهِ ثَوَابًا فَهُوَ مُنْجِزُهُ، وَإِنْ أَوْعَدَ لَهُ العقوبة فله المشيئة إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْه» . ويقال: معناه من يقتل مؤمنًا متعمدًا يعني مستحّلًا لقتله، فجزاؤه جهنم خالدًا فيها، لأنه كفر باستحلاله. ويقال:
1 / 327