Lautan Ilmu
بحر العلوم
ثم قال ﷿: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ روى جويبر عن الضحاك قال: لما كان يوم أحد، كسرت رباعية النبيّ ﷺ وأدمي ساقه، وقتل سبعون رجلًا من الصحابة، فَهَمَّ النبيّ ﷺ أن يدعو على المشركين، فأنزل الله تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أي ليس لك من الحكم شيء، أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ يعني كفار قريش يهديهم إلى الإسلام. وقال الكلبي: فهمّ رسول الله ﷺ أن يلعن الذين انهزموا من الصحابة يوم أحد، فنزل: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ يعني الذين انهزموا أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ قال: فلما نزلت هذه الآية، كفّ ولم يلعن المشركين، ولا الذين انهزموا من الصحابة، لعلم الله فيهم أنهم سيتوبون، وأن المشركين سيؤمن كثير منهم. وقد آمن كثير منهم فمنهم: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم.
قال مقاتل: وكان سبعون رجلًا من أصحاب الصُّفَّة، خرجوا إلى الغزو محتسبين، فقتل السبعون جميعًا، فشقّ ذلك على النبي ﷺ، فدعا الله عليهم أربعين يومًا في صلاة الغداة، فنزل قوله تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ويقال: معنى قوله أو يتوب عليهم، أو يعذبهم إن لم يكونوا من أهل التوبة.
[سورة آل عمران (٣): آية ١٢٩]
وَلِلَّهِ مَّا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢٩)
ثم عظم نفسه فقال تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يعني: إن جميع الخلق في ملكه وعبيده يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وقال الضحاك: يغفر لمن يشاء الذنب العظيم، وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ على الذنب الصغير إذا أصرَّ على ذلك وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ في تأخير العذاب عنهم، حيث لم يعاقبهم قبل توبتهم.
[سورة آل عمران (٣): الآيات ١٣٠ الى ١٣١]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافًا مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (١٣١)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافًا مُضاعَفَةً قال الزَّجاج: يعني لا تضاعفوا أموالكم بالربا. وقال القتبي: هو ما يضاعف منها شيء بعد شيء، ويقال أضعافًا مضاعفة عند البيع، ببيعه بأكثر من قيمته مضاعفة بعد العقد، أن يزيده في الأجل ويزيد في المال. ويقال:
المضاعفة هي نعت الأضعاف كما قال تعالى: حَلالًا طَيِّبًا [البقرة: ١٦٨ وغيرها] والطيب هو نعت الحلال.
1 / 245