============================================================
عمار البدليسي وانما التفرقة منع أن يصل أحد إلى عندية الحق. فالتفرقة أن يرى العبد تصرفه له، ويضيف ذلك إلى نفسه، فيقول: لي، وبي، ومني. والنظر بعين 3 الجمع، هو أن لا يشهد الشيء إلا الله وبالله ومن الله. قال أبو يزيد البسطامي (1)، رحمة الله عليه: كنت في مقام، كنت لي، بي، مني، فصرت في مقام، كنت له، به، منه.
فحفظ العبد نفسه وأعماله من الشيطان وعمله من الرياء والنفاق جهاد أصغر، وحفظ العبد نفسه مع الله في مقام توحيد الحقيقة من الشرك الخفي، من رؤية فعله، جهاد اكبر. ولهذا سمي الجهاد الأكبر، لأن النفس هي العدو 9الأكبر. والصوفي من لا نفس له، وإنما له نفس لا نفس، وله نسب لا سبب، وله فغل لاقؤل، وله دين لا دنيا، وله إشارة لا عبارة. ولهذا قال، عليه السلام: لارجعنا من الجهاد الأصغر، وهو قتل الكفار، إلى الجهاد 12 الأكبر، وهو قتل النفس وتعديها ومعاندتها، إلى أن ذلت وخضعت وأسلمت واستسلمت"(2) وإذا استسلمت النفس تصرف القلب بمخض التصرف.
ومحض التصرف هو ) رؤية الفعال لا الفغل. فحينئذ يصير التوحيد 15 الحقيقي للقلب حالا، فيقع من تصرف (119) الطبع إلى مقام تصرف جمعية عين الجمع.
(1) أبو يزيد: هو طيفور بن عيسى البشطامي، المتوفى سنة 261 ه/ 875م، انظر ما جمعه أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، المتوفى سنة 430 ه/ 941 - 942 م، من أقوال أبي يزيد في كتابه حلية الأولياء 10: 33- 42 .
(2) قارن بالحديث: المجاهد من جاهد نفته"، المعجم المفهرس 1: 389، تحت:
Halaman 50