مكة، ولكن رجع حميضة في سنة ٧١٥ هـ، فقتل أخاه أبا الغوث واستولى على مكة، فغضب سلطان مصر الناصر محمد بن قلاوون، فجهز جيشا تحت إمرة عطيفة، فاستولى على مكة، وغادرها حميضة هاربا نحو الشرق (^١).
وهكذا ظلت مكة مسرحا لمنازعات عديدة بين ذرية أبي نمي، الأمر الذي جعل السلطان الناصر محمد بن قلاوون يرسل بين الحين والآخر تجريدات عسكرية إلى هناك لإقرار الأمور في مكة، أو مناصرة أمير على آخر حسب ولائه لمصر، فضلا عن ذهاب السلطان الناصر محمد المتكررة إلى الحجاز للحج، وعندئذ يغتنم فرصة وجوده هناك لبحث مشاكل أهل الحرمين وإقرار الأمن والنظام في الأراضي المقدسة (^٢).
ورغم ذلك فقد ظل الحجاز يعيش حالة من عدم الإستقرار إبان هذه الفترة، فقد كان الصراع شديدا على الشرافة منذ مطلع القرن الثامن وحتى منتصف القرن التاسع الهجري.
٤ - وأهم ما يميز العصر من الناحية الثقافية:
أصبحت مصر في عهد سلاطين المماليك محورا لنشاط علمي واسع بسبب ما أصاب المسلمين من كوارث على أيدي التتار في العراق والشام، إذ تحول كثير من علماء تلك الأقطار إلى مصر، واختاروها محلا لإقامتهم عقب سقوط بغداد في أيدي التتار سنة ٦٥٦ هـ، وحرقهم للمكتبات، وإغراقهم للكتب في نهر دجلة، وتنكيلهم بالعلماء، ثم أن إحياء الخلافة العباسية في مصر على أيدي سلاطين المماليك سنة ٦٥٩ هـ هيأ القاهرة لأن ترث بغداد،
_________
(^١) انظر: تقي الدين الفاسي: العقد الثمين ٤/ ٢٣٢ - ٢٤٣،٨/ ٧٩ - ٨٠، ابن العماد: شذرات الذهب ٦/ ٣٣.
(^٢) انظر: المقريزي: السلوك ٢/ ١٩٧.
1 / 52