تحقيق تلك الفكرة (^١)، فما أن جلس على كرسي السلطنة، حتى ورد إليه كتاب من نائبه في الشام، بأن رجلا قدم دمشق يدعى أنه أبو القاسم أحمد ابن الظاهر بالله محمد بن الناصر لدين الله أحمد العباسي، وأنه فر من سجنه في بغداد إثر سقوطها سنة ٦٥٦ هـ، نزل عند عرب بني خفاجة (^٢)، ويود الحضور إلى السلطان، فكتب السلطان إلى نائب الشام بخدمته حتى يصل إلى مصر (^٣).
ولما وصل أبو القاسم أحمد إلى القاهرة، خرج السلطان لإستقباله في موكب حافل يوم الخميس تاسع رجب سنة ٦٥٩ هـ، وأنزله في قلعة الجبل، وبالغ في إكرامه وإقامة نظامه (^٤).
وفي يوم الإثنين الثالث عشر من رجب عقد السلطان مجلسا عاما بالقلعة حضره قاضي القضاة، والعلماء، والأمراء، ووجوه الناس، وفيهم الشيخ عز الدين ابن عبد السلام (^٥)، فمثل الجميع بحضرة الإمام العباسي، وبعد أن شهد جماعة من العربان والبغاددة - الذين قدموا معه - بصحة نسبه، وأثبت قاضي
_________
(^١) انظر: سعيد عاشور: العصر المماليكي ص ٣٥٥.
(^٢) وهم بنو خفاجة بن عمرو بن عقيل، انتقلوا إلى العراق والجزيرة، وهم أمراء العراق. انظر: القلقشندي: نهاية الأرب ص ٢٤٦ - ٢٤٧.
(^٣) انظر: ابن عبد الظاهر: الروض ص ٩٩، اليونيني: ذيل مرآة الزمان ٢/ ٩٤ - ٩٨، النويري: نهاية الأرب ٢٨/ ١٨.
(^٤) انظر ابن كثير: البداية والنهاية ١٣/ ٢٣١، السيوطي: تاريخ الخلفاء ص ٤٧٧.
(^٥) عبد العزيز بن عبد السلام، أبو محمد السلمي الدمشقي الشافعي، المعروف بعز الدين ابن عبد السلام، والملقب بسلطان العلماء، برع في الفقه والأصول والعربية، ودرس وأفتى وصنف، وبلغ رتبة الاجتهاد، وانتهت إليه رياسة المذهب مع الورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصلابة في الدين، مات بالقاهرة سنة ٦٦٠ هـ.
انظر: الذهبي: العبر ٣/ ٢٩٩، ابن العماد: شذرات الذهب ٥/ ٣٠١.
1 / 36