Bahja
البهجة التوفيقية لمحمد فريد بك
Penyiasat
د .أحمد زكريا الشلق
Penerbit
دارالكتب والوثائق القومية
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
1426هـ /2005 م
Lokasi Penerbit
القاهرة / مصر
وفي اليوم التالي أراد إبراهيم باشا أن يهاجم الأتراك على حين غفله ، لكنه | عدل عن هذا الرأي اتباعا لمشورة سليمان باشا وقر رأيهما على استكشاف | مواقع العدو قبل الهجوم عليه وكان الأتراك قد حصنوا نقطة نصيبين حتى | جعلوها أمنع المواقع الحربية في الدول العلية وذلك بإرشاد من استخدموهم من | ضباط الأمان وكان من ضمنهم البارون ( دي مولتك ) الذي ينسب إليه انتصار | الألمانيين على الفرنساويين في سنة 1870 فكان إذ ذاك في خدمة الباب العالي | منوطا بأن يكون مرافقا لحافظ باشا بصفة أركان حرب أعني مرشدا ، فلما | استحسن إبراهيم باشا مشورة سليمان باشا الذي رافقه في هذا الاستكشاف | أتبعها وأخذ ألف وخمسمائة من العربان وأربعة ألايات من السواري وبطريتين | من المدافع وسار بهذه القوة القليلة حتى قرب من مدافع الأتراك فأرسلوا إليهم | لردهم عددا عظيما من العساكر غير المنتظمين ( باشبوزق ) وقليلا من السواري | النظامية فناوشهم المصريون مناوشة خفيفة حتى ألجؤهم إلى الرجوع والعود إلى | استحكاماتهم وتمكن سليمان باشا وإبراهيم باشا في خلال ذلك من استكشاف | التحصينات المهمة التي أقيمت أمام نصيبين وتبين لهما أنه يتعذران لم يكن | مستحيلا مهاجمتها من هذه الجهة مهما كانت شجاعة المصريين ، ولذلك عاد | الجميع إلى معسكرهم بقرب نهر مزار لينظروا أي طريق أنجح للإستيلاء على | هذه النقطة المهمة التي لو وقعت في قبضة المصريين وتشتت الجيش العثماني | المتحصن فيها ، لم يقم بعد للترك قائمة إلا إذا تداركتهم العناية بمساعدة الدول | الأروباوية لهم . | ولما انتشر خبر رجوع المصريين شمل السرور الجيش التركي وظنوا أن | المصريين لا يجسرون على مهاجمتهم ، بل لا بد أن يتركوا معسكرهم ويعودوا إلى | حيث أتوا ، ثم زاد سرورهم لما أخلى المصريون معسكرهم في اليوم التالي وأخذوا | | في الإنسحاب والرجوع ، فلما رأى الأتراك ذلك ظنوا أنهم ولوا الأدبار لكن لم | تلبث أفراحهم أن تبدلت أتراحا لما علموا أن المصريين لم يعودوا بل أخذوا في | الدوران حول نصيبين ليهاجموها من الجهة الأخرى التي لم يحصنها الأتراك لعدم | توهمهم أن المصريين يأتونهم منها .
فجمع حافظ باشا مجلسا عسكريا لتقرير ما يجب اتخاذه ضد هذه المناورة | العسكرية التي لم تخطر ببالهم فأراد البارون ( دي مولتك ) ومن معه من ضباط | الألمان أن يهاجموا المصريين في أثناء سيرهم وعدم استعدادهم للنزال وتأهبهم | للقتال ، لكن اعترض عليه في هذا الرأي الصائب القائد التركي وسائر الضباط | الأتراك قائلين كيف نترك نقطة صرفنا نفيس الوقت ومعظمه في تحصينها | وتعرض أنفسنا وأرواحنا إلى القتل في واد سهل لا يوجد به أدنى استحكام | طبيعي أو صناعي للإحتماء به ، فرد عليهم الألمانيون بأن الجيش التركي يبلغ | عدده ستين ألف مقاتل والجيش المصري لا يزيد عن أربعين ألفا فيمكن للترك | بكل سهولة أن يتغلبوا على المصريين مع أنهم لو تربصوا في معاقلهم وهاجمهم | المصريون في الجهة القليلة التحصن لربما كان الفوز والنصر لهم .
فلم يقبل حافظ باشا نصيحتهم بل اعتمد على رأيه من البقاء في الحصون | حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا فاغتاظ لذلك الألمانيون وأرادوا أن يقدموا | استعفاءهم لولا خوفهم مما يلحقهم من العار والملامة لو تأخروا أمام عدو | مهاجم .
Halaman 182