مة وانضممت لعذلي
وسقيتني من مر قو
لك مثل نقع الحنظل
ونسبتني حينا لمذ
هب قاسم وأبي علي
تعنين ويلك أنني
أمارة بتبذل
وهو إنكار يدل أيضا على أنها لم تنصفه - ولا أجرؤ أن أقول إنها لم تفهمه. وكيف أجرؤ على ذلك وأنا أعتقد - على رغم مني - بأن تأثيره فيها كان عظيما، وأنها لم تتناول القلم بشجاعة إلا لأن قلمه أوحى إليها مهيئا لها في النفوس سبيلا وواضعا في الأفكار قابلية واستعدادا. إنها لمست مثله نقطا معينة وارتأت إصلاحها تقريبا على الوجه الذي يطلبه. وهل يمكن ألا تنفعل امرأة راقية بكتابات هي الأولى من نوعها، ممن لم يرد للمرأة وللأمة إلا خيرا؟ لذلك أعود مجاهرة باعتقادي بأنها ابنته بالفكر والجرأة وتلميذته في المناداة بإصلاح شئون النساء. ولا ينفي ذلك ما بينهما من خلاف زهيد؛ لأن الأستاذ والتلميذ وإن اتحدت كلمتهما، فإن كلا منهما يظل جاريا وراء طبيعته يظهرها وينميها. وأبين شاهد على ذلك نجده بين ذروتي الفكر الإغريقي: أفلاطون وأرسطو. فإن كان أفلاطون زعيم الفلسفة الإيديالستية الكمالية الذي لا يبارى فإن التلميذ أرسطو انفصل عن أستاذه حتى صار اسمه مرادفا لاسم الفلسفة العلمية العملية. •••
هي تكتب كما تتكلم بفطرتها البسيطة، وهو كذلك يكتب كما يتكلم بفطرته البسيطة. إلا أن فطرتها هي نسائية فتنتقد وتنكت وتتألم وتشفق، وترتقي منبرا خياليا تخطب بالإصلاح ثم تضحك وتبكي ، وتأتي بجميع الأقوال والحركات التي تجعل المرأة محبوبة كالطفل، بليغة كالشاعر، خلابة كالسحار. أما هو ... فقلب تثقله العواطف الطروبة وفكر شغف بالعدل والإنصاف والحقيقة. يحب الخير والصلاح كما أنه يحب اللفتات الحلوة والكلمات اللطيفة. في ثنايا روحه شاعر ينشد وينوح ساعة يقول:
يشعر العاشق بلذة ساحرة إذا كان محبوبا وإذا كان غير محبوب، فيجد في ألمه لذة أخرى مشابهة للسكر. «أكثر الناس لا يفهمون من الحب إلا أنه أكلة لذيذة، إذا حضرت أكلوها هنيئا وإذا غابت استعاضوها بغيرها. والحقيقة أنه إحساس عميق يستولي على النفس كلها ويجعلها محتاجة إلى الاختلاط بنفس أخرى احتياجا ضروريا كاحتياج العليل إلى الشمس والغريق إلى الهواء. نار تلهب القلب لا يطفيها البعد ولا يبردها القرب بل يزيدها اشتعالا. ومرض يقاسي فيه العاشق عذابا يظهر باحتقان في مخه وخفقان في قلبه واضطراب في أعصابه واختلال في نظام حياته، يظهر على الأخص في الأكل وفي النوم وفي الشغل، ويجعله غير صالح لشيء سوى أنه يقضي أوقاته شاخصا إلى صورة محبوبته مستغرقا في عبادتها ذاكرا أوصافها وحركاتها وإشاراتها وكلماتها. نظرة في عيون محبوبته تملأ قلبه فرحا وتجعله يتخيل أنه ماش في طريق مغروس بالورد أو راكب سحابة وطائر في المرتفعات العالية فوق فوق قريب السماء. وفي هذه اللحظة يكون سعيدا أسعد من أكبر ملوك الأرض، فإذا انقضت عاد إلى ما كان فيه من العذاب والألم.»
Halaman tidak diketahui