والطلاق على مذهبي أسهل وقعا وأخف ألما من الضر. فالأول شقاء وحرية والثاني شقاء وتقييد. فإذا كان الشقاء واقعا على كل حال فلماذا تلتزم المرأة الصبر على الشدة؟! ترى بعينها ما يلهب قلبها ويدمي محجريها! ألا إن حزينا حرا خير من حزين أسير! وبعضهم يخادع المرأة الأولى بأن يجعلها حاكمة على البيت معها مفاتيح خزائنه. ولكن ماذا تفيد مفاتيح الخزائن والحكم على السمن والعسل؟! وأين هذه من مفاتيح القلوب وحب الزوج!
5
ألا يخيل إليك أن هذا الرجل الذي يدور على زوجاته وفي يده حزمة مفاتيح يفرقها لهو من رجال القمر أو سكان المريخ، أو على الأقل من أشباح الأقاصيص والأساطير؟ ولكن لا! إن ذلك مع الأسف واقع على مقربة منا. ومن أخواتنا من هن ذكيات الفؤاد جميلات الوجه والنفس لطيفات الشعور شريفات الميول، وعليهن أن يحتملنه وأن يصبرن على مضضه؛ لأنه أمر داخل في عادات قومهن!
إن باحثة البادية لا ينضب ينبوع إجادتها في هذا الموضوع، وما أكثر ما تصيب في نقده مستخرجة منه دروسا أخلاقية كقولها:
تعدد الزوجات مفسدة للرجل، مفسدة للمال، مفسدة للأخلاق، مفسدة للأولاد، مفسدة لقلوب النساء. والعاقل من تمكن من اكتساب قلوب الغير، فكيف بقلوب الأهل والعشراء!
6
ثم تشرح كلا من هذه شرحا وافيا في مقال هو من أجمل ما كتبت، بل هو في تقديري أتم فصولها وأبدعها. •••
على أن مطالبها لا تتوقف عند قلة الضرائر والتفرد في المنزل، بل هي تنكر زواج هذا العصر القائم على الطمع وحب المال، وتتطلع إلى تلاؤم الأذواق والتفاهم المعنوي. اقرأ هذا التهكم الممزوج بالغيظ:
إذا اجتمعوا (المصريون) بسائحة إفرنجية أو امرأة غربية تلطفوا لها كثيرا؛ فساعدوها في النزول من عربتها، وأمسكوا لها حقيبتها، ورفعوا الطرابيش (؟) إجلالا لها، في حين أن أحدهم يستنكف الركوب مع امرأته في عربة واحدة. وإذا سافرت أو انتقلت إلى محل آخر تركها ونفسها كأنه لم يكن صاحب الأفكار الحديثة القائل بمساعدة المرأة. وإذا ازدحمت الطرقات في موكب أو مولد مثلا رأيت الرجال يدوسون النساء ويضربونهن بالمناكب كأنه زحام الحشر. فهل هذا مبلغ احترام النساء عندنا؟
7
Halaman tidak diketahui