94
الباب الثاني من البديع وهو التجنيس ١: وهو أن تجيء الكلمة تُجانس أُخرى في بيت شعر وكلام، ومجانستها لها أن تشبهها في تأليف حروفها على السبيل الذي ألف الأصمعي كتاب الأجناس عليها. وقال الخليل٢: الجنسُ لكل ضرب من الناس والطير والعروض والنحو، فمنه: ما تكون الكلمة تُجانس أخرى في تأليف حروفها ومعناها ويشتق منها، مثل قول الشاعر "من الكامل": يوم خلجت على الخليج نفوسهم٣ أو يكون تُجانِسها في تأليف الحروف دون المعنى مثل قول الشاعر "من البسيط": إن لوم العاشق اللُّوم٤ قال الله تعالى: ﴿وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ٥. وقال سبحانه: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ﴾ ٦. وقال رسول الله ﷺ: "عصية ٧ عصت الله، وغفار غفر الله لها". وقال: "الظلم ظلمات". وقال معاوية٨ لابن عباس ﵀: "ما لكم يا بني هاشم تصابون في أبصاركم؟ "فقال٩": كما تصابون في بصائركم" ويقال: ان عقيل بن أبي طالب تكلم بذلك. وقال أبو تمام "من الطويل": جلا ظلمات الظلم عن وجه أمة ... أضاء لها من كوكب الحق آفله١٠ وسرقه من قول النبي ﷺ الذي تقدم. وقال القطامي١١ "من الوافر":

١ عقد له صاحب الصناعتين بابًا "٣١٠-٣٢٨" تأثر فيه بابن المعتز إلى حد بعيد، وكذلك فعل ابن رشيق "٢٨٩/ ١ العمدة طبعة ١٩٣٤" ويسميه قدامة المجانس "ص٩٦ نقد الشعر" وسمَّى نوعًا منه بالمطابق، وقد تأثر في ذلك بثعلب "٢٤ قواعد الشعر لثعلب طبع ليدن، ٩٦ نقد الشعر". ٢ إمام اللغة والأدب وصاحب العين ومبتكر علم العروض وأستاذ سيبويه "١٠٠-١٧٠هـ". ٣ خلجت عينه: من باب جلس ودخل، واختلجت: طارت، والخليج من البحر: شرم منه، وهو أيضًا النهر، والبيت للخزيمي كما سيأتي في الشاهد ١١٧. ٤ جزء من بيت شعر لمسلم كما سيأتي في الشاهد ١١٣، واللوم مخفف اللؤم. ٥ سورة النمل، آية: ٤٤. ٦ سورة الروم، آية: ٤٣. ٧ اسم قبيلة، وفي الأصل: له بدل. ٨ أول خلفاء بني أمية، مات عام ٦٠هـ. ٩ زيادة عن الأصل لتصحيح المعنى، وهي رواية الصناعتين أيضًا. ١٠ جلا: كشف. ظلمات: جمع ظلمة. ١١ شاعر فحل رقيق حواشي الكلام كثير الأمثال في شعره، مات نحو عام ١٠١هـ.

1 / 108