313

============================================================

الفناء فيه تأجيجا فقصم عند ذلك الآمال، وكثرت لديه الأعمال.

وعظم التضرع إلى الله والصياح، وعمل الناس بقول : "اذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح".

غير أن له خلائق محمودة، وغرائب ليست في سواه موجودة: لا يفرق بين الشخص وأقاربه، ولا يؤرق جفن المفجوع على ذاهبه. بل ان أخذل واحدا آنسه بجميع أهله، وجمع شملهم(1) في الردى بإهدام [111/ب] ذلك النسب من أصله. لا تطول معه الأمراض، ولا تكثر على الجسد الأعراض.

وقد طالت مدته على الأمة، وقويت عليهم الشدة والغمة .

واشترك في فصابه الخلائق والبلدان، وعمت الأشجان والأحزان. وهذا أمر لم يسمع بمثله في الوجود، ولم يقع نظيره في الحدود. وأي طاعون دخل الأرضين من كل جانب؟! ووصل إلى المشارق والمغارب؟! بل طاعون عمواس، كالقطرة منه في القياس. وطاعون الأشراف، خاص ببعض الأصناف. وطاعون الفتيات، لغير الأبكار لم يوات. فالله الله في التضرع بارتفاع هذه النازلة، وانقطاع هذه النقمة برحمة متواصلة: وقرأت في كتاب القاضي تاج الدين الشبكي، سنة (764): لما غم الطاعون على النفوس وعم، وهم بالردى فأودع القلوب الهم.

طاف البلاد فما ترك طارفة ولا تليدة، وطاف في الربع العامر فأذن بالخراب، وما تلك الصفة بحميدة، وغزا الاقليم المصري منه ما شيب النواصي، وشغلهم بأنفسهم عن القيام بالطاعات بل وبالمعاصي.

ودخل منه الشام وعب يروع ولا يراعي، فبطلت عنده الشهوات وذهبت (1)ف: شمله.

Halaman 313