كم لائم لو كنت أسمع عذله
قد لامني ونهى وعد وقالا
ولعلكم فتنتم بما يذكر من براءته من الحب وإبائه النسيب لما أمره بذلك الرشيد، ولعمري لقد كان من أصدق الناس حبا، وأمتنهم صبابة، ثم عاد أنصفهم لنفسه وللأدب، فإن الرجل كان كبر، حينما أشار عليه الرشيد بالنسيب، والكبر يودي بالحب، ويذهب بالصبابة.
وكان المهدي قد ضربه مائة سوط لقوله:
ألا إن ظبيا للخليفة صادني
وما لي على ظبي الخليفة من عدوى
وقال: أبي يتمرس، ولحرمي يتعرض، وبنسائي يعبث؟ ونفاه إلى الكوفة.
ثم تلطف أبو العتاهة حتى اتصل بالرشيد في خلافة أبيه، وتمكن من قلبه، وبلغ المهدي خبره فأحضره وأنبه على ما قال من النسيب بعد نهيه عنه، فيا لله من ظلم العواطف.
ثم قال له: إن شئت أدبناك بضرب وجيع، لإقدامك على ما نهيت عنه وأعطيناك ثلاثين ألف درهم، جائزة على مدحك لنا، وإن شئت عفونا عنك فقط.
فقال: بل يضيف أمير المؤمنين إلى كريم عفوه جميل معروفه، ومكرمتان أكثر من واحدة، وأمير المؤمنين أولى من شفع نعمه، وأتم كرمه، فأمر له بثلاثين ألف درهم وعفا عنه.
Halaman tidak diketahui