كما أن المؤلف ﵀ كان كثيرًا ما يردّ على السهيلي ﵀ في مسائل العقيدة، ويناقشه ويبين خطأه (^١)، فبين (٢/ ٥٧١) موافقتَه للكُلَاّبية ورد عليه. ونافَشَه في: (٢/ ٣٩٤ - ٣٩٥، ٣٩٨). وقد يكتفي أحيانًا بتهذيب كلامه من الأخطاء العقدية كما في (١/ ٣١ - ٣٢، ٣١٦، ٤٠٢).
ولم يكتف ابن القيم بالرد على السهيلي ومناقشته في مباحثه، بل كان يستظهر معاني أخرى: (١/ ٦١ - ٦٢)، ويُفصِّل أشياء لم يتعرّض لها كما في (٢/ ٣٩٩، ٥٠٧). بل ويأْتي بأحسن مما جاء به السهيلي، كما في مواضع كثيرة: (١/ ٢٢١، ٢٢٩، ٢٥١، ٢٥٤، ٢٦١ - ٢٧٠، ٣٣٢، ٣٧٢ و٢/ ٤١٢، ٤٥٩، ٤٨٨، ٥٠٥).
وبعد هذا العَرْض المطوَّل؛ هل لمنصفٍ أن يقول: إن المؤلف ادَّعى نحوَ السهيليِّ لنفسه؟ وأنه إنما قدَّم وأخَّر واختصر؟ وأن الظان ليظن أن النحو الذي يسوقه من بدائعه؟ حاشا المُنْصف أن يُطلق هذا الحكم.
أما الذين أدخلوا ابن القيم في عداد النحاة، فليس نتيجةً لما في "بدائع الفوائد" من بجوث وتحقيقات، وليس لأجل ما في كتبه المفردة في العربية أو كتبه الأخرى من مسائل النحو والعربية، وليس لأجل ما فيها من تحرير وتدقيق بالِغَيْن، ليس لأجل ذلك فقط، بل لأن تلاميذه وأصحابه الذين خبروه عن قرب -وهم أهل للحكم- وصفوه بدلك بل بأكثر منه، قال تلميذه: الصفدي (٧٦٤) في "أعيان العصر" (^٢): "قد تبحَّر
_________
(^١) وقد فاته موضع، علقنا عليه في الحاشية (١/ ٤٦).
(^٢) (٤/ ٣٦٧).
المقدمة / 62