ولم يقف عند هذا الحد المتجاوز، فتعدَّاه إلي القول بـ "أنه ينبغي إعادة النظر في هذا الرجل، إذ نُسبَ إليه من الآراء ما أدخله في عداد النحاة!! " = لأجل ذلك كلِّه رَأينا أن نفرد الكلام في هذه القضيّة، ليتجلّى وجه الحق فيها، دون وكَسْ أو شطط في الانتصار أو الاعتذار، وإن كان قُرْبي من (ابن القيم)، وتجاوز (البنَّا) في حقه قد يحدوني إلي الانتصار له، لما تُمليه وشائج القربى ويدفع إليه تجاوز (البنَّا)، لكني سأدفع ذلك قدر المستطاع؛ لأن المقصود هو الحق وما عداه فيوضع تحت الأرجل -كما قال ابن القيم-.
وهنا نؤصِّل أصلًا -في عزو الفوائد إلي أهلها- لا ينبغي أن يُخْتَلَف فيه، تواردت علية كلماتُ الأئمة السابقين ومن بعدهم -والمؤلف منهم-.
قال أبو عبيد (٢٢٤): (من شُكر العلم أن تقعد مع كل قوم، فيذكرون شيئًا لا تُحسنه فتتعلّم منهم، ثم تقعد بعد ذلك في موضع آخر فيذكرون ذلك الشيءَ الذي تعلّمته فتقول: والله ما كان عندي شيء حتى سمعتُ فلانًا يقول كذا وكذا، فتعلّمته، فإذا فعلتَ ذلك فقد شكرتَ العلم) (^١).
وقال النووي (٦٧٦): (ومن النصيحة: أن تُضاف الفائدة التي تُسْتغرب إلي قائلها، فمن فعل ذلك بورك له في علمه وحاله ... ولم يزل أهل العلم والفضل على إضافة الفوائد إلى قائلها ...) (^٢).
وكلماتهم في هذا الشأن مشهورة، لا نطيل بإيرادها.
_________
(^١) "المزهر": (٢/ ٣١٩) للسيوطي، و"طبقات المفسرين": (٢/ ٤١) للداوودي.
(^٢) "بستان العارفين": (ص/ ٢٩).
المقدمة / 57