المعروف بالشامي، وكان بين الأخوين تباعد مفرط، والبيت الذي عرض فيه قوله:
وليس كمن إذا ماسيل عرفًا ... يقلب مقلةً فيها اعورار
وكان هشام في إحدى عينيه نكتة بياض كجد أبيه هشام بن عبد الملك. ثم اتفق لأبي المخشي أن مدح هشامًا ووفد عليه على ماردة، وهو يومئذٍ يتولى حربها لأبيه، فلما مثل بين يديه قال له: يا عاصم، إن النساء اللاتي هجوتهن لمعاداة أولادهن وهتكت أستارهن، قد دعون عليك، فاستجاب الله لهن، فبعث عليك مني من يدرك منك ثأرهن وينتقم لهن. ثم أمر به فقطع لسانه، ثم نبت بعد ذلك وتكلم به. وكان أبو المخشي هذا يسكن بوادي شوس، وكان بين وبين ابن هبيرة مهاجاة شديدة، فاجتمعا يومًا للمناقضة فيه، فقال له ابن هبيرة وعيره بأن نسبه إلى النصرانية لأجل أن آباءه كانوا نصارى بقوله:
أقلفتك التي قطعت بشوشٍ ... دعتك إلى هجائي وانتقالي!
الانتقال: الشم، فقال أبو المخشي مسرعًا:
سألت وعند أمك من ختاني ... جواب كان يغني عن سؤالي
فقطعه.
وعلى ذكر أبي المخشي وقطع لسانه، كان مالك رضوان الله عليه يفتي فيمن قطع لسان رجل عمدًا بقطع لسانه من غير انتظار - ثم رجع لما انتهت إليه قصة أبي المخشي، وأنه نبت لسانه بعد أن قطع بمقدار سنة وأنه تكلم به، فقال: ينتظر سنة، فقد ثبت عندي أن رجلًا بالأندلس نبت لسانه بعد أن قطع في نحو هذه المدة.
ونقلت من خط الفقيه أبي محمد عبد الخالق المسكي
قال بشار لعنان:
عنان يا منيتي ويا سكني ... أما تريني أجول في سككك
حرمت منك الوفا معذبتي ... فعجلي بالسجل من صككك
إني ورب السماء مجتهد ... في حل ما قد عقدت من تككك
فقالت مجاويةً له:
لم يبق مما تقول قافية ... يقولها قائل سوى عككك
فقال:
بلى وإن شئت قلت فيشلة ... تسكن الهائجات من حككك
قال علي بن ظافر: عنا لم يدركها بشار، وإنما كان يشاغبها أبو نواس، ولهما في مثل هذا أخبار كثيرة وهذء القافية مما يعايا به.
1 / 22